الثالث: إذا عجز عن الركوع بقدر الواجب يأتي بما استطاع، لقوله عليه السلام:
" إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم " (1) ولأن الميسور لا يسقط بالمعسور، وللاستصحاب.
وفي ثبوته بما ذكرنا تأمل، لأنه تفكيك في الأجزاء العقلية، ومع انتفاء أحدها لا مقوم للباقي حتى يتعلق به حكم. بل الحجة في ذلك استصحاب شغل الذمة، بل لعله إجماعي.
وأما الاستدلال عليه بعموم الآية بناءا على منع ثبوت الحقيقة الشرعية في القدر الواجب، فيكون المطلوب هو الانحناء عرفا أو لغة كما هو معناه (2)، والزيادة واجب على حدة، ومع تعذر أحدهما لا يسقط الآخر.
ففيه أولا: بعد الاغماض عن ثبوت الحقيقة الشرعية، أن الظاهر غير معناه اللغوي، ومع ذلك فالأولى الحمل على مجازه الشائع الذائع المستفيض، وهو ههنا الانحناء المخصوص، لأنه صار من القرب بحيث صار محلا للنزاع في كونه حقيقة، وكيف إذا كان عدم إرادة اللغوي ظاهرا.
وثانيا: أن القدر الثابت منه حينئذ وجوب مطلق الانحناء (3) بحسب المقدور، وأما المنحني خلقة بقدر الركوع، فيجب عليه الانحناء يسيرا للركوع على الأظهر، لأن الركوع الشرعي المأمور به له أفراد كثيرة، وأقل ما يجزئ فيه هو الانحناء بقدر ما تصل يداه إلى ركبتيه، فلو جاوز عن ذلك، بل وعن القدر المستحب أيضا