فقال - ولنعم ما قال -: ثم فعل الرسول - صلى الله عليه وآله - والأئمة - عليهم السلام - يدل على ما اخترناه وشرحناه، لأن الحج في القولين مجمل، وفعله - صلى الله عليه وآله - إذا كان بيانا للمجمل جرى مجرى قوله:
(والبيان في حكم المبين)، ولا خلاف أنه رمي الجمار، وقال: (خذوا عني مناسككم فقد أمرنا بالأخذ) والأمر يقتضي الوجوب عندنا - إلى أن قال -:
وأيضا دليل الاحتياط يقتضيه، لأنه لا خلاف بين الأمة أن من رمى الجمار برئت ذمته من جميع أفعال الحج، والخلاف حاصل إذا لم يرم الجمار (1)، انتهى.
ولا معارض لهذه الأدلة سوى الأصل إن جوزنا جريانه في نحو المقام وهو مخصص بالأوامر، وإلا فليس بمعارض أيضا.
وأما التشكيك في دلالتها على الوجوب في أخبارنا في الذخيرة (2) فما لا ينبغي الاصغاء إليه، ولا العروج في مقام التحقيق عليه، لضعفه من أصله كما بين في الأصول مستقصى، ولا سيما هنا لفهم الأصحاب إياه منها، وهو أقوى قرينة عليه، كما صرح به نفسه مرارا ومنها المقام، ولكن في موضع منها، ولكن رجع عنه أخيرا.
ونحوه في الضعف تشكيكه في وجوب التأسي وتخصيصه بما إذا علم وجهه، لا مطلقا فإنه مسلم في غير ما وقع بيانا للمجمل، وأما فيه فلا، وخصوصا في الوضوء والصلاة والحج، لورود الأمر به فيها زيادة على الدليل الاعتباري المبين في الأصول مفصلا.