بين المتأخرين (1)، فهناك نزاعان، والذي هو مورد النظر هنا هو النزاع الأول.
والذي يظهر لي: أن الإطلاق المأخوذ في الموضوع له والمنسوب إلى المشهور، ليس هو الإطلاق المتمسك به في الفقه والأصول، وقد ذكرنا أن اتصاف الكلام بالإطلاق، ليس من قبيل اتصاف الكلام بالصدق والكذب، فإنهما من أوصاف الكلام بما هو كلام، والإطلاق من أوصاف الكلمة إلا أن المنسوب إلى الشهرة القديمة: هو أن الكلمة بالوضع ذات إطلاق مقسمي، كألفاظ الأجناس، أو قسمي كأعلام الأجناس (2).
وقد أنكر عليهم المتأخرون، بأن الألفاظ ليست موضوعة إلا للمعاني المهملة المجردة من جميع اللحاظات الزائدة على ذوات الطبائع، بحكم التبادر والوجدان (3)، فلا معنى للتمسك بالإطلاق، لما أن الكلمة ليست ذات معنى إطلاقي، بل الإطلاق أمر يطرؤها لأجل الأمور الأخر، كمقدمات الحكمة، أو بعض الدوال الاخر، وأما الألفاظ الموضوعة للمعاني الكلية الاسمية، فكلها مجردة من هذين الإطلاقين.
أقول: إن أراد المشهور من صفة " الإطلاق " الاستغناء عن مقدمات الإطلاق في الاستدلال به في المحاورات العرفية وفي القوانين الإلهية، فهو أمر غير صحيح.
وإن أراد المشهور المتأخر من " وضع الألفاظ للمعاني المهملة " أن الألفاظ في دلالتها على معانيها مهملة وقاصرة، ولا تكون قابلة للصدق والحمل على كل الأفراد والمصاديق، فهو أيضا باطل وغير جيد بالضرورة.
ثم إن أراد المشهور من " الإطلاق " هو أن الأجناس في مقام الوضع موضوعة لذات المعاني، على وجه لا قصور في دلالتها عليها، فيكون الموضوع له ذا إطلاق