وتوهم: أن بناءهم عليه فرع ما يرون الاستعمال حقيقة، فاسد جدا، لنسيانهم وغفلتهم عن هذه المرحلة التي هي ترجع إلى المسائل الدرسية والذوقيات الشعرية.
ومنها: وهو ما ربما يستفاد من " تقريرات " جدي العلامة (قدس سره) (1) وهو - بتقريب مني - أن العام بعد الإطلاق والإلقاء استعمل في جميع الأفراد، والقرينة الصارفة قائمة على خروج طائفة منها، فيكون الباقي في الخروج محتاجا إلى القرينة.
وبعبارة أخرى: تكون أصالة الجد مخصصة بالمنفصل، فيكون الباقي تحت العام حسب الجد والحكم الفعلي وإن كان اللفظ مجازا، فتأمل.
فتحصل لحد الآن: حجية العام على جميع التقادير بعد التخصيص بالنسبة إلى مورد الشك ومحط الشبهة، وما ينبغي البعث عن ذلك إنصافا.
ولعمري، إن بعضا من المسائل الأصولية غنية عن البيان والبرهان، والمناقشات العقلية والتسويلات الشيطانية والوهمية، لا تضر بما عليه دأب العقلاء وعادة الناس، وهذه المسألة من هذه الجهة مثل مسألة دلالة الأمر على الوجوب، فإنه لا ينبغي أن يعتمد على الوجوه الناهضة على امتناعها، كما لا يعتمد عليها أحد، وإنما خلافهم في سر المسألة، كما هو كذلك في دلالة النهي على الترك بالمرة، بخلاف الأمر، مع اتحادهما بحسب الكيفية والكمية، فإنه لا مفر من الالتزام بوجوب الترك بالمرة وإن كان هو مورد المناقشة العقلية جدا، ولكن لأجل تلك المناقشات لا يمكن العدول عما عليه بناء العقلاء والعرف بالضرورة.
فحجية العام في الباقي بعد كون المخصص مبين المراد، مما لا وجه للخلاف فيها، وإنما الخلاف كان في أمر علمي آخر، ولا يتوقف ذاك بهذا، كما عرفت بتفصيل، فلاحظ وتدبر، ولا تكن من الخالطين.