الفرق في البين وهل هو إلا تحكم محض؟ وأما ما دل على وجوب الاحتياط في أفراد الشكوك فشامل باطلاقه لكثر السهو وغيره.
وبالجملة فإنه قد تعارض هنا عمومان عموم أخبار المضي مع كثرة الشك والسهو الشامل للسهو في ركن وغيره ولما كان في محله أو غير محله مما يقضى أو لا يقضى، وعموم ما دل على البطلان بالسهو عن الركن حتى تجاوز محله أو دل على التدارك في المحل والقضاء بعده الشامل لكثير السهو وغيره، فدعوى تخصيص العموم الأول بالثاني دون العكس ترجيح من غير مرجح بل الأمر بالعكس لما ثبت في جملة أفراد الشك وأفراد السهو في غير الموضعين المذكورين من تخصيص أدلة تلك الأحكام فليكن مثله في هذين الفردين مؤيدا بما اشتملت عليه التعليلات في الأخبار من مراعاة حال المكلف وتخفيف الأمر عليه وتخليصه من شباك الوسواس الخناس.
وبذلك يتبين لك أيضا ما في كلام شيخنا المجلسي (عطر الله مرقده) حيث إنه من جملة من مال إلى تخصيص حكم الكثرة بالشك تبعا لصاحب المدارك ومن تقدمه حيث قال - بعد الكلام في المقام واختيار حمل الأخبار كملا على الشك - ما صورته: بل الأصوب أن يقال شمول لفظ السهو في تلك الأخبار للسهو المقابل للشك غير معلوم وإن سلم كونه بحسب أصل اللغة حقيقة فيه، إذ كثرة استعماله في المعنى الآخر بلغت حدا لا يمكن فهم أحدهما منه إلا بالقرينة، وشمولها للشك معلوم بمعونة الأخبار الصريحة، فيشكل الاستدلال على المعنى الآخر بمجرد الاحتمال، مع أن حمله عليه يوجب تخصيصات كثيرة تخرجه عن الظهور لو كان ظاهرا فهي، إذ لو ترك بعض الركعات أو الأفعال سهوا يجب عليه الاتيان به في محله اجماعا، ولو ترك ركنا سهوا وفات محله تبطل صلاته اجماعا ولو كان غير ركن يأتي به بعد الصلاة لو كان مما يتدارك، فلم يبقى للتعميم فائدة إلا في سقوط سجود السهو وتحمل تلك التخصيصات الكثيرة أبعد من حمل السهو على خصوص الشك لو كان بعيدا، مع أنه مدلول الروايات المضي في الصلاة وهو لا ينافي وجوب سجود السهو