- كما تقدمت الإشارة إليه في غير موضع - إن الأحكام المودعة في الأخبار تبنى على ما هو الغالب المتكرر الذي يتبادر إليه الاطلاق وهو هنا إنما يصدق على ما كان من حرفين فصاعدا. ولعل إجماع الأصحاب (رضوان الله عليهم) على الحكم المذكور مبني على ذلك.
نعم يبقى الكلام في الحرف الواحد المفهم مثل " ق " من " وقى يقي " و " ع " من " وعى يعي " ونحو هما من الأفعال المعتلة الطرفين، وظاهر الأصحاب (رضوان الله عليهم) دعوى صدق الكلام عليها لغة وعرفا بل هو كلام عند أهل العربية فضلا عن الكاملة لتضمنه الاسناد المفيد فيدخل في عموم الأخبار المتقدمة. ويمكن بناؤه على أن المحذوف في هذه الأوامر بمنزلة المذكور فيكون حرفين فصاعدا.
(الثانية) حيث قد عرفت أن الكلام عندهم هو ما تركب من حرفين فصاعدا وهو أعم من أن يكون موضوعا أو مهملا فالتكلم بالألفاظ المهملة مبطل اجماعا بالترتيب المذكور.
(الثالثة) الظاهر أنه لا خلاف ولا إشكال في أن التنحنح والتأوه والأنين والتنخم ونحوها مما لا يشتمل شئ منها على حرفين فإنه غير مبطل لعدم صدق التكلم بذلك لغة ولا عرفا.
ويدل عليه ما رواه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق (1) " أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يسمع صوتا بالباب وهو في الصلاة فيتنحنح لتسمع جاريته أو أهله لتأتيه فيشير إليها بيده ليعلمها من بالباب لتنظر من هو؟
فقال لا بأس به ".
وما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن رجل من بني عجل (2) قال:
" سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المكان يكون فيه الغبار فانفخه إذا أردت