مجال شك في وجوبها على الأعيان في جميع الأحيان والأزمان كما في سائر الفرائض الثابتة بالكتاب والسنة، فكما ليس لأحد أن يقول لعل وجوب صلاة العصر وزكاة الغنم مشروطان بوجود الإمام وحضوره وإذنه فكذا ههنا لعدم الفرق بين الأدلة الدالة عليها، لكن طرأ ههنا نقل اجماع من الشيخ وتبعه جماعة ممن تأخر عنه كما هو دأبهم في سائر المسائل فهو عروتهم الوثقى وحجتهم العظمى به يتصاولون فاشتهر في الأصقاع ومالت إليه الطباع، والاجماع عندنا - على ما حققه علماؤنا في الأصول - هو قول جماعة من الأمة يعلم دخول قول المعصوم عليه السلام في أقوالهم وحجيته إنما هو باعتبار دخول قوله عليه السلام فهو كاشف عن الحجة والحجة إنما هو قوله عليه السلام قال المحقق في المعتبر... ثم نقل كلامه المؤذن بذلك ثم قال والاجماع بهذا المعنى لا ريب في حجيته على فرض تحققه والكلام في ذلك. ثم إنهم (قدس الله أرواحهم) لما رجعوا إلى الفروع كأنهم نسوا ما أسسوه في الأصول فادعوا الاجماع في أكثر المسائل سواء ظهر الاختلاف فيها أم لا وافق الروايات المنقولة فيها أم لا، حتى أن السيد (رضي الله عنه) وأضرابه كثيرا وما يدعون الاجماع في ما ينفردون بالقول به أو يوافقهم عليه قليل من أتباعهم، وقد يختار هذا المدعى للاجماع قولا آخر في كتابه الآخر، وكثيرا ما يدعى أحدهم الاجماع على مسألة ويدعى غيره الاجماع على خلافه، فيغلب على الظن أن مصطلحهم في الفروع غير ما جروا عليه في الأصول بأن سموا الشهرة عند جماعة من الأصحاب اجماعا كما نبه عليه الشهيد في الذكرى وهذا بمعزل عن الحجية، ولعلهم إنما احتجوا به في مقابلة المخالفين ردا عليهم أو تقوية لغيره الدلائل التي ظهرت لهم. ولا يخفى أن في زمان الغيبة لا يمكن الاطلاع على الاجماع إذ مع فرض الاطلاع على مذاهب جميع الإمامية مع تفرقهم وانتشارهم في أقطار البلاد والعلم بكونهم متفقين على مذهب واحد لا حجة فيه، لما عرفت أن العبرة عندنا بقول المعصوم ولا يعلم دخوله فيها. وما يقال - من أنه يجب حينئذ على المعصوم أن يظهر القول بخلاف ما أجمعوا عليه لو كان باطلا فلما لم
(٣٩٤)