الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج ٩ - الصفحة ٣٧٠
باتفاق فقهاء أمة محمد صلى الله عليه وآله في عصر على أمر شرعي وعند الخاصة باتفاق الفرقة المحقة منها فيه عليه. وقد حاولت العامة في استخراج مدرك حجيته من الكتاب بأدلة (1) كلها مزيفة ومن السنة بخبر رووه عنه صلى الله عليه وآله (2) " لا تجتمع أمتي على خطأ " وفيه من النقوض ما هو مذكور في محله ولا طائل في ذكره، وأما أصحابنا الذين حذوا حذو العامة في عده مدركا فحاولوا في الاستدلال على حجيته بأنه إذا تحقق اتفاق فقهاء الطائفة المحقة على أمر اقتضى دخول المعصوم عليه السلام فيهم لكونه من الفقهاء وعدم خلو عصر من معصوم يكون قوله حجة والحجة حينئذ قوله والاجماع كاشف عنه. وهذا اقرار بأنه ليس دليلا وإن كان كاشفا عنه وليس في عده من الأدلة إلا تكثير العدد وإطالة الطريق وايهام جواز خلو العصر من معصوم حجة كما هو معتقد أولئك الذين هم عن الحق بمرمى سحيق، ولذا خلا ظاهر الكتاب وما وصل إلينا من أخبار العترة الطاهرة عن ما يشعر بالأمر بالعمل بما يسمى اجماعا.
وقال (قدس سره) في موضع آخر: ثم إنه على تقدير ما ذكروه في بيان الاجماع وحجيته أن الحجة إنما هو دخول المعصوم فإن علم دخوله فلا بحث ولا مشاحة في اطلاق اسم الاجماع عليه ثم اسناد الحجية إليه ولو تجوزا فيهما، وإن لم

(1) استدلوا من الكتاب - كما في أصول الفقه لأبي زهرة ص 193 و 140 بقوله تعالى " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " قال: وإن هذا النص الكريم أثبت أن اتباع غير سبيل المؤمنين حرام لأن من يفعل ذلك يشاقق الله ورسوله ويصليه الله تعالى جهنم وساءت مصيرا وإذا كان اتباع غير سبيل المؤمنين حراما فإن اتباع سبيلهم واجب ومن يخالفهم ويقرر نقيض رأيهم لا يكون متبعا لسبيلهم. ونقل في الهامش عن الغزالي المناقشة في دلالة الآية وغيرها من أدلتهم واستدلوا من السنة بما دل على عدم اجتماع الأمة على الضلال وأن ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وبأن عمل الصحابة على أن ما يجمعون عليه حجة، ونقل عن الشافعي وجها اعتباريا وهو في رسالته ص 65 في مقدمة كتاب الأم.
(2) مفتاح كنوز السنة ص 63 " إن أمتي لا تجتمع على ضلالة "
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست