حال حضور الإمام وتمكنه والشرط المذكور حينئذ إنما هو إمكانه لا مطلقا في وجوبها عينا لا تخييرا كما هو مدعاهم حال الغيبة، لأنهم يطلقون القول باشتراطه في الوجوب ويدعون الاجماع عليه أولا ثم يذكرون حال الغيبة وينقلون الخلاف فيه ويختارون جوازها حينئذ أو استحبابها معترفين بفقد الشرط. هكذا عبروا به في المسألة وصرحوا به في الموضعين، فلو كان الاجماع المدعى لهم شاملا لموضع النزاع لما ساغ لهم نقل الخلاف بعد ذلك بل اختيار جواز فعلها بدونه أيضا، فإنهم يصرحون بأنه شرط للوجوب ثم يذكرون الحكم حال الغيبة ويجعلون الخلاف في الاستحباب فلا يعبرون عن حكمها حينئذ بالوجوب، وهو دليل بين على أن الوجوب الذي يجعلونه مشروطا بالإمام وما في معناه إنما هو حيث يمكن أو في الوجوب العيني حال حضوره بناء منهم على أن ما عداه لا يسمونه واجبا وإن أمكن اطلاقه عليه من حيث إنه واجب تخييري. وعلى هذا الوجه يسقط الاستدلال بالاجماع في موضع النزاع لو سلمنا تمامه في غيره، السابع - أن كلامهم في الإذن لا يخلو من تشويش لدلالة بعض عباراتهم على أن المراد الإذن لخصوص شخص بعينه لهذه الصلاة بخصوصها أو لما يشملها وبعض يدل على الإذن العام الشامل للفقيه، وبعضها على الأعم الأشمل لكل من يصلح للإمامة وعلى هذا تسقط فائدة النزاع.
قال الشيخ في الخلاف - بعد أن اشترط أولا في الجمعة الإمام أو نائبه ونقل فيه الاجماع - ما هذا لفظه (فإن قيل) أليس قد رويتم في ما مضى من كتبكم أنه يجوز لأهل القرى والسواد من المؤمنين إذا اجتمعوا العدد الذي تتعقد بهم أن يصلوا جمعة؟ (قلنا) ذلك مأذون فيه مرغب فيه فجرى مجرى أن ينصب الإمام من يصلي بهم. انتهى. وظاهره أن الإذن الذي ادعى الاجماع على اشتراطه أو لا يشمل الإذن العام كما ينادي به قوله " فجرى مجرى أن ينصب الإمام من يصلي بهم " وحينئذ فإذا قام الإذن العام مقام النصب الخاص فأي مانع من الوجوب العيني