في الجمع بين الأخبار بحمل النهي على الكراهة والأمر على الاستحباب إلا أنه لا مستند لها من سنة ولا كتاب ومقتضى القواعد المروية عن أهل العصمة (عليهم السلام) هو عرض الأخبار على القرآن والأخذ بما وافقه، وقضية الترجيح بهذه القاعدة العمل بالأخبار التي ذكرناها وطرح هذا الخبر في مقابلتها، والتشبث بما ذكره من أن أعمال الدليلين أولى من طرح أحدهما من البين من الاجتهادات الصرفة لما تقدم بيانه في المقدمة السادسة من مقدمات الكتاب، ونزيده بيانا هنا فنقول لا ريب أنه قد استفاضت الأخبار بطرح ما خالف القرآن في مقام الترجيح بالعرض على الكتاب وطرح ما وافق العامة في مقام عرض الأخبار على مذهب العامة وطرح ما خالف الأشهر في الرواية في مقام الترجيح بذلك أيضا (1) فإذا أمر الأئمة (عليهم السلام) بطرح الأخبار في هذه المقامات ونحوها ورخصوا في ذلك فهل يليق ممن يعمل بأخبارهم ويتمسك بآثارهم أن يضرب عن ذلك صفحا ويعتمد على هذه القاعدة التي ابتدعوها والمغالطة التي اخترعوها؟ ما هذا إلا اجتهاد في مقابلة النصوص وجرأة على أهل الخصوص و (ثالثا) - أنه لو سلم له ذلك في الأخبار فلا يتم في الآية لاتفاقهم على كون الأوامر القرآنية للوجوب إلا ما خرج بدليل، وقد عرفت مما قدمناه تأكد دلالتها على الوجوب بمعونة الأخبار سيما الأخبار الواردة في تفسيرها فكيف يمكن حملها على الاستحباب؟
و (رابعا) - أنهم قد حققوا في الأصول أن الأمر حقيقة في الوجوب وبه استدل هذا القائل في غير موضع من كتابه بل ذهب في جملة من المواضع إلى دلالة الجملة الخبرية على ذلك أيضا وهو المؤيد بالآيات القرآنية والأخبار المعصومية كما تقدم في مقدمات الكتاب، ولا ريب أن الحمل على الاستحباب مجاز لا يصار إليه إلا مع القرينة، ومجرد اختلاف الأخبار ليس من قرائن المجاز. وأيضا فالاستحباب حكم شرعي يتوقف على الدليل الواضح كالوجوب والتحريم واختلاف الأخبار ليس دليلا شرعيا