الاتيان بالفوائت والمنع مما عداها ولو بأن يقضي سنة كاملة في يوم، واستكثار الناس ذلك لا مدخل له في الأحكام الشرعية إذا قامت الأدلة عليها. ثم أي ناس يريد بأولئك الناس فإن أراد العامة الذين هم من النسناس فلا حجة فيه ولا عبرة به وإن أراد من هم المرجع في الأحكام الشرعية فهم يفرعون ذلك على تلك المسألة الأصولية على أن لقائل أن يمنع صحة تلك الدعوى إذ من البعيد تعمد ترك الفرائض والصلوات أو نسيانها على وجه يصل إلى حد الكثرة من واحد فضلا عن كثير من الناس لا عن الأكثر، هذا كله على تقدير ثبوت ما ادعى في تلك المسألة الأصولية وإلا فمع عدم الثبوت كما هو المشهور والمؤيد المنصور وأن الأمر بالشئ إنما يستلزم النهي عن الضد العام لا يستلزم شيئا مما ذكروه، على أنهم قد صرحوا في وجوب إزالة النجاسة عن المسجد وقضاء الدين ونحوهما من الواجبات الفورية بنحو ذلك، وقد منعوا من الصلاة إلا في آخر الوقت ومن كل ضد خاص ينافي الاشتغال بذلك المأمور به بناء على ما اختاروه في تلك المسألة الأصولية، وما نحن فيه كذلك.
و (الخامس) - ما ذكره السيد المذكور من أنه مع تسليم اختصاص الآية بالفائتة فلا دلالة لها على أمر أزيد من الوجوب... إلى آخره فإن فيه أنه إن أراد بالنظر إلى لفظ الأمر فيها فهو مسلم ولكن بالنظر إلى الروايتين الواردتين بتفسير الآية المذكورة يظهر تقييد الوجوب بحين الذكر، وحينئذ فالآية بناء على تفسيرهم (عليهم السلام) لها بما ذكروه ظاهرة في المدعى. وأما ما أطال به من الاحتمالات التي نقلها عن المفسرين فسيأتي ما فيه مما يكشف عن ضعف باطنه وخافيه، ونحن إنما استدللنا بالآية بناء على تفسيرهم (عليهم السلام) لها بما ذكرناه (فإن قيل) إن الاعتماد حينئذ على الأخبار لا على الآية إذ الآية في حد ذاتها خالية عن ذلك كما اعترفتم به (قلنا) هذه مغلطة لا تروج إلا على ضعيفي الأذهان من البله والنساء والصبيان فإنه لو تم ذلك للزم أن العامل بكلام المفسرين للقرآن إنما عمل بأقوال العلماء لا بالقرآن والمتلقي لحل حديث