وبعد أن نقل رواية الصيقل قال: هذا محمول على تضيق العشاء دون العصر لما تقدم لأن ذلك أوضح دلالة وأوثق وأكثر وهو الموافق لعمل الأصحاب. انتهى وفيه أن التعليل المذكور في الرواية ظاهر في خلاف ما ذكره بل الوجه إنما هو التقية بقرينة التعليل المذكور.
وأجاب في الذكرى عن رواية الصيقل بالحمل على مغرب أمسه، قال وهو أولى لرواية زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) الدالة على العدول. وفيه ما في سابقة من المنافاة لظاهر التعليل بل الوجه إنما هو ما ذكرناه وهو الذي صرح به المحدث الكاشاني في الوافي، فانظر إلى هذه الأخبار التي استندوا إليها بعين الاعتبار وترجيحهم لها على تلك الأخبار الرفيعة المنار الساطعة الأنوار مع ما اشتملت عليه مما أوضحنا لك بيانه من هذه الأكدار، فتأولوا لأجلها تلك الأخبار بالحمل على الاستحباب وأنه لمن العجب العجاب عند من أعطى الانصاف حقه في هذا الباب فاعتبروا يا أولي الألباب.
وأما باقي الأدلة التي أوردوها فهي في الضعف أوهن من بيت العنكبوت وأنه لأوهن البيوت، أما الأصل فمع تسليمه فإنه يجب الخروج عنه بالدليل وقد أوضحناه، وهم قد يخرجون عنه بما هو أقل من هذه الأخبار كما لا يخفى على من جاس خلال الديار وأما لزوم العسر والحرج - والظاهر أنه أشار إلى ما ذكره المرتضى (رضي الله عنه) من المنع من أكل ما يزيد على سد الرمق ونحوه - فسيأتي بيان الجواب عنه إن شاء الله تعالى.
وأما عموم آي الصلاة فالجواب عنه بما أجيب به عن الأصل إذ لا خلاف بينهم ولا اشكال في تخصيص عمومات القرآن وتقييد مطلقاته بالأخبار وإن كان خبرا واحدا فضلا عن هذه الأخبار المتعددة، وما عارضوها به من أخبارهم المتقدمة فقد عرفت ضعفه عن المعارضة وتبين قوة القول بها والتعويل عليها.
وأما الاستناد إلى الإقامة والأذان - كما ذكره وتبعه عليه جملة من الأعيان