على خلاف ذلك مجاز لا يصار إليه إلا مع القرينة واختلاف الأخبار ليس من قرائن المجاز، وأيضا فإن الاستحباب حكم شرعي يتوقف على الدليل النص أو الظاهر في ذلك كغيره من الوجوب والتحريم وإلا لكان قولا على الله تعالى بغير دليل، ومجرد وجود المعارض ليس بدليل على ذلك إذ يمكن أن يكون له معنى آخر لا ينافي التحريم والوجوب من تقية ونحوها أو معنى غير ما فهموه كما سيظهر لك في أخبار هذا المقام.
(الثالث) - أن الأخبار التي استندوا إليها في الدلالة لا ظهور لها فيما ذكروه ولا وضوح فيها لما اعتبروه.
وتحقيق الكلام في المقام بتوفيق الملك العلام وبركة أهل الذكر (عليهم الصلاة والسلام) وبه يرتفع التنافي بين الأخبار على وجه واضح المنار أن نقول يجب أن يعلم:
(أولا) - أنه لا يخفى أن المستفاد من الأخبار التي قدمناها هو المنع من النافلة مطلقا وإن كانت راتبة متى خرج وقتها الموظف لها شرعا ودخل وقت فريضتها، وجل الروايات الواردة بهذا المعنى عند التأمل في مضامينها إنما وردت بالنسبة إلى الراتبة وجواز مزاحمة الفريضة بها وعدمه وإن استفيد من ظاهرها العموم، وذلك فإن الراتبة في الظهرين لها جزء معلوم من وقت الفريضة بخروجه يمتنع أداؤها ويتحتم تقديم الفريضة وهو الذراع والذراعان أو القدمان والأربعة أقدام كما تقدم بيانه موضحا مشروحا، وأن الإشارة في بعض الروايات بوقت الفريضة الممنوع من التطوع فيه إنما هو إلى ما بعد ذلك الجزء الذي تختص به النافلة، ومن ذلك يعلم أن المراد بالتطوع الممنوع منه في أمثال ذلك أنما هو النافلة الراتبة وامتناع غيرها يكون بطريق أولى، وجملة منها عامة دالة بعمومها على المنع من النافلة بعد دخول وقت الفريضة راتبة أو غيرها.
و (ثانيا) - أنه لا يخفى أن اطلاق وقت الظهر على هذا الوقت المختزل منه قدر النافلة قد صار شائعا في الأخبار كما في موثقة سعيد الأعرج عن أبي عبد الله (عليه