المجملة القابلة للحمل على هذه الأخبار بحمل الفجر فيها على الفجر الأول ومتى حملناها على هذا المحمل لم يحتج فيها للحمل على التقية، نعم ذلك أنما هو في الأخبار الصريحة في هذا القول وهي الأخبار الضعيفة باصطلاحهم كما تقدمت، وبذلك يظهر لك أن دعواه صارت مقلوبة عليه كما عرفته من هذا التحقيق الذي لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه فإن عدم الصراحة إنما هي في أخباره لا في أخبارنا.
(الرابع) - ما ذكره - من الجمع بين الأخبار بالتخيير مع أفضلية التقديم كما تقدمه فيه السيد السند في المدارك فيما قدمنا من كلامه - فإن فيه أنه يا لله والعجب العجاب من هؤلاء الأجلاء الأطياب أنه إذا كان الحال عندهم في جميع الأحكام متى تعارضت فيها الأخبار إنما يجمع بينها بحمل النهي على الكراهة والأمر على الاستحباب كما عرفته من طريقتهم في جميع الأبواب فليت شعري أي وجه وأي غرض وعلة في وضع الأئمة هذه القواعد التي استفاضت بها أخبارهم؟ ولمن خرجت ومن خوطب بها؟ وأين الأخبار المختلفة التي تجري فيها هذه القواعد إذا كان عملهم في جميع أبواب الفقه وأحكامه إنما هو على هذه القاعدة التي ابتدعوها والطريقة التي اخترعوها؟ وهل هذا إلا اعراض عما أسسه لهم أئمتهم الأطياب ومقابلة بالاجتهاد الصرف الذي لم يرد به سنة ولا كتاب؟
هذا مع ما عرفت في غير موضع من بطلان هذه القاعدة في حد ذاتها وفسادها في نفسها.
والله الهادي لمن يشاء.
ومنشأ معظم الشبهة في جواز صلاتهما بعد الفجر الثاني بعد الأخبار الدالة على الجواز هو الأخبار الدالة على اتمام صلاة الليل بعد التلبس منها بأربع ركعات والأخبار الدالة على جواز صلاة الليل كملا ولما يتلبس بشئ منها. وأنت خبير بأنك إذا رجعت إلى ما ذكرناه من الأخبار واستدللنا به في المقام بالتقريب الذي ذكرناه في الوجه الثالث من وجوه النظر في كلام المحقق المذكور يظهر لك أن الظاهر هو العمل على ما ذكرناه وأن التأويل يجب أن يكون في هذه الأخبار الباقية بحمل ما ظهر منها في جواز التقديم على التقية وحمل أخبار التقديم