إذا صلى وحده ودخل عليه وقت الفريضة أي الوقت المعين لها بعد مضي وقت النافلة - لما أشرنا إليه سابقا من شيوع هذا الاطلاق في الأخبار - فليبدأ بالفريضة لخروج وقت النافلة وليكون قد صلى الفريضة في أول وقت فضيلتها ولا يحظر عليه صلاة النوافل في أول الوقت يعني وقتها المقرر لها. وفيه إشارة إلى أنه إذا صلى مع إمام فإنه يجوز له مزاحمة وقت الفريضة بها لانتظار الجماعة فيكون هذا مستثنى كغيره مما يأتي التنبيه عليه. وعلى ذلك تحمل موثقة إسحاق بن عمار التي استدل بها الشهيدان في الذكرى والروض كما تقدم ذكره من قوله: " قلت أصلي في وقت فريضة نافلة؟ قال نعم في أول الوقت إذا كنت مع إمام تقتدي به وإذا كنت وحدك فابدأ بالمكتوبة " فإنه لا يصح حمل الوقت هنا على ما زعماه من الوقت الحقيقي الذي هو أول الزوال لما استفاض من استحباب النافلة فيه للمنفرد وغيره فكيف يؤمر المنفرد هنا بترك النافلة فيه؟ بل المراد إنما هو الوقت الذي بعد مضي وقت النافلة وأنه يجوز مزاحمة النافلة للفريضة فيه لانتظار الجماعة. ويؤيده أيضا صحيحة عمر بن يزيد " أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرواية التي يروون أنه لا يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت؟.. الحديث كما تقدم " فإن هذا الحديث أيضا محمول على من ينتظر الجماعة فرخص له في الاتيان بالراتبة بعد مضي وقتها ومزاحمة وقت الفريضة بها لأجل انتظار فضيلة الجماعة وإلا فالحد الحقيقي للنافلة إنما هو الذراع والذراعان وأنه بعد مضيهما فلا يتطوع ولكنه لما ساعت المزاحمة هنا جعل الحد الإقامة وإن زاد على الحد المقرر.
وبما ذكرنا في معاني حسنة محمد بن مسلم وموثقة سماعة وموثقة إسحاق بن عمار يظهر لك أنه لا منافاة فيها للأخبار السابقة التي استدللنا بها بل هي منطبقة عليها على أحسن وجوه الانطباق ومتفقة معها بأوضح معاني الاتفاق، وأن خلاف من خالف بناء على ما فهمه من هذه الروايات إنما نشأ من عدم اعطاء النظر حقه في التأمل في معاني الأخبار.
وأما ما استدل به في الروض ونحوه في الذكرى وإن لم ننقله سابقا من روايات