الوضوء من قولهم (عليهم السلام) (1) " ومن توضأ مرتين لا يؤجر " وقد نسبوا إلى الصدوق القول بتحريم الثانية للخبر المذكور، قالوا لأن العبادات لا مباح فيها وهي إما واجبة أو مندوبة وكلاهما محصل للأجر، صرح بذلك شيخنا الشهيد الثاني في كتاب روض الجنان، نعم ربما يحتمل ما ذكره لو قال (عليه السلام) " الأفضل " بصيغة افعل التفصيل الدال على حصول فضل في الابتداء بالنافلة لكن العبارة ليست كذلك، ويوضح ما قلناه قوله (عليه السلام): " وإنما أخرت الظهر ذراعا.. الخ " أي إنما أخرت الظهر إلى هذا الوقت المسؤول عنه من أجل صلاة الأوابين فمتى خرج وقتها الموظف لها فلا تضايق بها الفريضة بل الفضل في البدأة بالفريضة. هذا معنى الخبر المذكور بما لا يتطرق إليه الوهن ولا القصور. والعجب منه (قدس سره) أنه يتوهم أن النافلة المسؤول عنها في الخبر النافلة الغير الراتبة كما يعطيه سياق استدلاله وهو مطرح كلامه وخياله مع أنه لا يلائم قوله (عليه السلام) في الرواية " وإنما أخرت الظهر ذراعا.. الخ " كما لا يخفى وإنما يتلائم الكلام أولا وآخرا على ما ذكرناه.
وأما موثقة سماعة على الوجه الذي نقله في المدارك فهي المروية في الفقيه وهي مروية في الكافي والتهذيب أيضا (2) وفيها زيادة على ما نقله " الأمر موسع أن يصلي الانسان في أول دخول وقت الفريضة النوافل إلا أن يخاف فوت الفريضة، والفضل إذا صلى الانسان وحده أن يبدأ بالفريضة إذا دخل وقتها ليكون فضل أول الوقت للفريضة وليس بمحظور عليه أن يصلي النوافل من أول الوقت إلى قريب من آخر الوقت " وحاصل معنى الرواية المذكورة بناء على ما ذكرناه - والله سبحانه وقائلها أعلم - أن الراوي سأله عن من يأتي المسجد وقد صلى أهله المكتوبة في أول وقتها وكأنه ليس بين مجيئه وصلاة أهل المسجد إلا يسير فكأن بعض وقت النافلة كان باقيا فسأله عن التطوع بالراتبة أيتطوع بها في ذلك الوقت أم يبتدئ بالمكتوبة؟ إذ لا جائز أن يحمل التطوع هنا على غير