وأصحاب هذا الاصطلاح ولا سيما هذا المحقق الذي قد زاد على الاصطلاح في كتابه المذكور اصطلاحا آخر مبالغة في الصحيحة إنما يدورون مدار صحة الأسانيد وإلا فالأخبار التي قدمناها صريحة في هذا القول كلها لكنها لضعف أسانيدها لم يعملوا بها ولم يذكروها وأنت قد عرفت قيام الاحتمال في متون هذه الأخبار بحمل الفجر فيها على الفجر الأول بل هو الراجح الذي عليه المعول لأنه به يحصل جمعها مع الأخبار المتقدمة الدالة على أنها من صلاة الليل وأن وقتها بعد صلاة الليل كما عرفت من الأخبار المتكاثرة، وإلى ذلك أشار شيخنا البهائي (قدس سره) فيما قدمنا من كلامه، وحينئذ فكيف تحصل المعارضة بها لما هو صريح الدلالة واضح المقالة؟ سيما بعد ما عرفت من بطلان توهمه الذي تكلفه وزعمه الذي تصلفه، وقد اشتهر في كلامهم وتداول على رؤوس أقلامهم أنه إذا قام الاحتمال بطل الاستدلال.
(الثالث) - ما طعن به في الحمل على التقية - من أنه غير كاف في المصير إلى تعين التقديم مع عدم صراحة أخباره فيه - فإن فيه أن الأخبار التي قدمناها ما بين صريح في ذلك وما بين ظاهر تمام الظهور، أما صحيحة زرارة التي كشفنا عنها نقاب الالتباس بما لا يخفى على عوام الناس فصراحتها أظهر من أن ينكر، ونحوها حسنته المذكورة بعدها الدالة على السؤال عن وقت الركعتين بقوله " أين موضعهما؟ فقال قبل الفجر فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة " والأخبار المستفيضة بالأمر بجعلهما في صلاة الليل والأخبار الدالة على أنهما من جملة صلاة الليل التي قد علم أن وقتها من الانتصاف إلى طلوع الفجر الثاني، ويعضدها الأخبار الدالة على فعل النبي والأئمة (صلوات الله عليهم) لها قبل الفجر، ويؤكدها الأخبار الدالة على المنع من النافلة في وقت الفريضة.
وبالجملة فإن هذه الأخبار كملا قد اشتملت على أن الوقت الموظف لهاتين الركعتين قبل الفجر فيجب الوقوف على ما وظفته وعدم الخروج عنه لأن العبادات الشرعية توقيفية يجب الوقوف فيها على ما رسمه صاحب الشريعة، ولم يعارضها بزعمهم إلا تلك الأخبار