الفجر فأنا أحب أن تشهد ملائكة الليل وملائكة النهار صلاتي " وروى في الفقيه مرسلا (1) قال: " سأل يحيى بن أكثم القاضي أبا الحسن الأول (عليه السلام) عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلوات النهار وإنما يجهر في صلاة الليل؟ فقال لأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يغلس بها فقربها من الليل " ونقل في الذكرى أنه روي " أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يصلي الصبح فينصرف النساء وهن متلفعات بمروطهن لا يعرفن من الغلس " (2) أقول: لعل هذه الرواية من طريق العامة فإني لم أقف عليها في أخبارنا بعد الفحص من البحار وغيره.
ولعل وجه الجمع بين هذه الأخبار هو أن الأفضل ما دلت عليه هذه الأخبار الأخيرة من التغليس للعلة المذكورة في بعضها ولما دل على فضل أول الوقت، ويحتمل حمل الأخبار الأول على استحباب التأخير لمن لا يدرك الفرق بين الفجرين إلا بذلك ويشتبه عليه الحال في مبدأ الأمر، لكن ظاهر صحيحة زرارة المتقدمة الدالة على أنه (صلى الله عليه وآله) كان يصلي ركعتي الصبح إذا اعترض الفجر فأضاء حسنا ربما نافر ذلك إلا أن يخص ببعض الأوقات التي يحصل فيها الاشتباه لا دائما.
وجمع في المنتقى بين الأخبار المذكورة بحمل مطلق الأخبار على مقيدها، قال والذي تقتضيه القواعد هنا حمل الأخبار المطلقة على المقيدة. أقول: فيه أن ما ذكره جيد بالنسبة إلى ما عدا حديث المجالس حيث تضمن أول ما يبدو قبل أن يستعرض ولكن العذر له (قدس سره) واضح حيث لم يطلع عليه، ثم قال ولولا التصريح في بعض أخبار التقييد بأن أفضل الوقت مع طلوع الفجر لاتجه حمل أخبار الطلوع والانشقاق على إرادة وقت الاجزاء وأخبار الإضاءة على الفضيلة بنحو ما ذكر في سائر الفرائض ونفى البأس في صحيحة محمد بن مسلم يشعر بهذا المعنى أيضا، ولو اقتصرنا في العمل على الصحيح الواضح وقطعنا النظر عما سواه كان الجمع بهذا الوجه متعينا. انتهى.