لمن علم من حاله أنه إذا لم يقدمها اشتغل عنها ولم يتمكن من قضائها، قال فأما مع عدم العذر فلا يجوز تقديمها، واستدل على ذلك بصحيحة إسماعيل بن جابر المذكورة ورواية محمد ابن مسلم المتقدمة في صدر هذه الأخبار.
قال في الذكرى بعد ذكر روايات التحديد بالأقدام والأذرع: ثم هنا روايات غير مشهورة في العمل كرواية القاسم بن الوليد، ثم ساق جملة من هذه الأخبار ثم ذكر حمل الشيخ المذكور لها وذكر أن الشيخ اعتمد في المنع من التقديم على أخبار التوقيت وعلى ما رواه ابن أذينة ثم ذكر صحيحة ابن أذينة المتقدمة ورواية زرارة، ثم قال قلت قد اعترف الشيخ (قدس سره) بجواز تقديمها عند الضرورة، ولو قيل بجوازه مطلقا كما دلت عليه هذه الأخبار غاية ما في الباب أنه مرجوح كان وجها. انتهى. وإلى ما ذكره مال جمع من متأخري المتأخرين: منهم - المحدث الكاشاني في الوافي والفاضل الخراساني في الذخيرة وهو ظاهر المدارك أيضا.
والأظهر عندي ما ذكره الشيخ لأخبار التحديد بالأذرع والأقدام فإنها صحيحة مستفيضة صريحة في أن للنافلة وقتا معينا محدودا لا تقدم عليه ولا تؤخر عنه إلا أن يكون على جهة القضاء، والترجيح - لو ثبت التعارض - لهذه الأخبار لما ذكرنا من صحتها واستفاضتها وصراحتها واعتضادها بعمل الطائفة قديما وحديثا حيث إنه لم يقل بظاهر هذه الأخبار المخالفة قائل ولم يذهب إليه ذاهب، واعتضادها أيضا بصحيحة ابن أذينة وروايتي زرارة المتقدمات، وحينئذ فيجب ارتكاب التأويل في ما عارضها بأن يحمل التقديم على الرخصة في مقام العذر كما ذكره الشيخ. وأما قولهم (عليهم السلام) " أنها بمنزلة الهدية متى ما أتى بها قبلت " فلا يلزم منه أنها تكون أداء مطلقا بل الظاهر أن المراد إنما هو بيان أن قبولها لا يختص بالاتيان بها في أوقاتها المحدودة حتى أنها لو وقعت في غيرها لم تقبل بل يجوز تقديمها رخصة مع العذر وقضاؤها بعد فوات وقتها وهي مقبولة في جميع هذه الأوقات، وربما يستأنس لذلك برواية سيف بن عبد الأعلى المتقدمة وتعليله القضاء