وصف الأولى بكونها حسنة فإن ذلك أنما هو بإبراهيم بن هاشم الذي قد عرفت أن عد حديثه في الصحيح كما عليه جملة من محققي متأخري المتأخرين هو الصحيح - باعتبار لفظ " لا ينبغي " بأنه ظاهر في الكراهة فمردود بما تقدم تحقيقه في غير مقام من أن هذا الظهور إنما هو باعتبار عرف الناس وأما باعتبار عرف الأئمة (عليهم السلام) وما وردت به أخبارهم فاستعمال هذا اللفظ في التحريم كما أن استعمال " ينبغي " في الوجوب أكثر من أن يحصى كما أنه ربما استعمل أيضا في المعنى المشهور. والتحقيق أن الحمل على أحد المعنيين يحتاج إلى قرينة في البين لأن اللفظ من الألفاظ المشتركة في كلامهم (عليهم السلام) والقرينة في الحمل على المعنى الذي ندعيه ظاهرة من الأخبار الأخر كصحيحة أبي بصير برواية الفقيه وموثقته برواية التهذيب وموثقة عمار المتقدم ذلك كله، فإن الجميع ظاهر في أن الامتداد إلى طلوع الشمس إنما هو لأصحاب الأعذار دون أصحاب الاختيار وعليها تحمل الصحيحتان المذكورتان. وأما ما ذكره من حمل الشغل على ما هو أعم من الضروري ففيه أن المفهوم من الأخبار - وبه صرح المحدث الكاشاني في الوافي أيضا - أن الشغل الذي هو من جملة الأعذار لا يختص بالضروري حتى أنه بالحمل على غير الضروري يجامع الاختيار، فإن المستفاد منها أنه يكفي الشغل الذي يكون عذرا في التأخير إلى الوقت الثاني عدم حصول التوجه والاقبال على الصلاة لو صلى في الوقت الأول كما في روايات عمر بن يزيد الثلاث المتقدمة في وقت المغرب (1).
(الخامس) - قوله: " وبالجملة فأقصى ما تدلان عليه خروج وقت الفضيلة " فإنه مما يقضى منه العجب حيث إنه (عليه السلام) قد صرح في هذين الخبرين بأن هذا الوقت الأخير إنما هو لهؤلاء المعدودين وهم أصحاب الأعذار ومثلهما روايات أبي بصير وعمار، والجميع ظاهر في أنه ليس وقتا لغيرهم من أصحاب الاختيار، فكيف يتم ما ادعاه من أن أقصى ما تدلان عليه خروج وقت الفضيلة؟ وأي مجال هنا