فقد حملها الأصحاب على الاستحباب، والثاني منهما ظاهر في ذلك فإن تخصيصه ((عليه السلام) الإعادة بنفسه مشعر بذلك ولو كان حكما كليا عاما لما حسن هذا التخصيص كما لا يخفى، وسيأتي إن شاء الله تعالى في المطلب الخامس مزيد بيان في هذه المسألة.
واستدل جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) لهذا القول بالآية وهي قوله عز وجل: " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا. إلى أن قال: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا " (1) فإنه سبحانه أوجب التيمم على المكلف عند إرادة القيام إلى الصلاة إذا لم يجد الماء فلا يتقيد بضيق الوقت وأجاب المرتضى في الإنتصار بأن الاستدلال بها يتوقف على اثبات أن للمكلف أن يريد الصلاة في أول الوقت ونحن نخالفه فيه ونقول ليس ذلك له. وأجيب عنه بأنه مع تسليم تحريم الإرادة في أول الوقت عند العلم بالحكم فإنه لا يلزم منه عدم وجودها فإذا وجدت وجب المشروط وهو ايجاب التيمم، وأيضا ليس المراد الإرادة المتصلة بفعل الصلاة لشرعية الطهارة في أول الوقت لمن أراد الصلاة في آخره فإذا أراد الصلاة المتأخرة عن زمان الإرادة والحال أنه لا مانع من ذلك فقد تحقق الشرط. أقول: والأظهر هو الرجوع إلى ما قدمناه من الأخبار فإنها مكشوفة القناع لا يداخله الجدال والنزاع.
ويدل على القول الثاني جملة من الأخبار: منها - صحيحة محمد بن مسلم (2) قال: " سمعته يقول إذا لم تجد ماء وأردت التيمم فأخر التيمم إلى آخر الوقت فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض " وحسنة زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) (3) قال: " إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل " وموثقة ابن بكير عن الصادق (عليه السلام) (4) في حديث قال فيه: " فإذا تيمم الرجل فليكن ذلك في آخر الوقت فإن