تجتمع الأخبار في الدلالة على القول المشهور. ومما يؤيد ما ذكرناه من حمل الرواية المذكورة على الاحتراق قوله (عليه السلام) في آخرها: " وإن لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلا القضاء بغير غسل " فإنه لو حمل على ظاهره للزم منه وجوب القضاء في صورة عدم العلم مطلقا احترق أو لم يحترق مع أن الأخبار وكلام الأصحاب على تخصيص ذلك بصورة الاحتراق وأما مع عدم الاحتراق فلا قضاء. وأما ما ذكره الفاضل الخراساني في الذخيرة - حيث قال يعد ذكر مرسلة حريز: " فإن قلت: ظاهر هذه الرواية وهو القضاء في صورة عدم العلم مطلقا غير معمول عليه بين أكثر الأصحاب وتنفيه الأخبار المعتمدة الآتية في محله فينبغي أن يخص بصورة احتراق الجميع، قلت: الذي يستفاد من الروايات عدم وجوب القضاء إلا في الصورة المذكورة لا عدم الاستحباب، نعم لو ثبت الاجماع على عدم الاستحباب تعين المصير إلى تخصيص الخبر بصورة احتراق الجميع لكن الاجماع غير ثابت ولا ادعاه أحد " انتهى - ففيه أن الاستحباب أيضا حكم شرعي يتوقف على الدليل والحال أنه لم يقل به هنا أحد ولم يدل عليه دليلا، فحمل الرواية عليه مع إمكان حملها وتقييدها بصورة الاحتراق - كما هو القاعدة المطردة من حمل المطلق على المقيد - ترجيح من غير مرجح بل الترجيح في جانب ما ذكرناه لما عرفت.
إلا أنه يبقى الكلام في أن ظاهر الأخبار المذكورة هو الوجوب كما هو قول جماعة من فضلاء الأصحاب على ما قدمناه ولا أعرف عنه صارفا إلا مجرد مناقشات لا يخفى وهنها على المنصف، قال في المختلف بعد نقل الخلاف في المسألة: " والحق الاستحباب، لنا - الأصل براءة الذمة وقوله (عليه السلام) (1): " (من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته " وكما لا يجب في الأداء الغسل بل هو مستحب فكذلك القضاء، ولحديث سعد عن الصادق (عليه السلام) وقد تقدم " انتهى. أقول: أما ما ذكره من الأصل فإنه يجب الخروج عنه بالدليل وهو واضح فيما ذكرناه من الأخبار لقوله (عليه السلام) في مرسلة