من الأخبار في هذه المسألة روايتان، روى إحداهما حريز عمن أخبره عن الصادق (عليه السلام) (1) قال: " إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل ولم يصل فليغتسل من غد وليقض الصلاة، وإن لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلا القضاء بغير غسل " والثانية رواها محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (عليهما السلام) (2) وهي طويلة قال في آخرها: " وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاغتسل " وليس في هذه الرواية اشعار بكون الغسل للقضاء بل المستفاد من ظاهرها أن الغسل للأداء، والرواية الأولى قاصرة من حيث السند وخالية من قيد الاستيعاب ولكن سيجئ إن شاء الله أن القضاء إنما يثبت مع ذلك والأحوط الغسل للقضاء مع تعمد الترك آخذا بظاهر الرواية المتقدمة وإن ضعف سندها، أما الغسل للأداء مع استيعاب الاحتراق فلا ريب في استحبابه والأولى أن يترك بحال لصحة مستنده وتضمنه الأمر بالغسل مع انتفاء ما يقتضي الحمل على استحباب " انتهى. وهو ظاهر في عدم وقوفه على دليل يقتضي الدلالة على القول المشهور، وقد تبعه في ذلك الفاضل الخراساني في الذخيرة فأورد الروايتين المذكورتين لكنه لم يطعن في الأولى بضعف السند بل زيف لها وجوها تجبر ضعفها واختار العمل بظاهرها إلا أنه حمل الأمر فيها على الاستحباب كما سيأتي إن شاء الله تعالى نقل كلامه في المقام، وأما الرواية الثانية فإنه اعترف أيضا بما ذكره في المدارك من أن ظاهرها وجوب الغسل في الأداء مع الاحتراق إلا أنه عدل عنه، قال: لأنه غير معمول عليه بين الأصحاب فينبغي حمله على الاستحباب. والمحقق الخوانساري في شرح الدروس قد نقل زيادة على الروايتين المذكورتين ما رواه في الفقيه مرسلا عن الباقر (عليه السلام) (3) قال: " قال أبو جعفر (عليه السلام) الغسل في سبعة عشر موضعا إلى أن قال في آخرها: وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصل
(٢٠٨)