عن أبي هاشم الجعفري (1) قال: " خرج أبو محمد في جنازة أبي الحسن (عليهما السلام) وقميصه مشقوق فكتب إليه ابن عون من رأيت أو بلغك من الأئمة (عليهم السلام) شق قميصه في مثل هذا؟ فكتب إليه أبو محمد (عليه السلام): يا أحمق وما يدريك ما هذا؟ قد شق موسى بن عمران على هارون " وروى مثل ذلك الكشي في كتاب الرجال (2) إلا أن فيه " فكتب إليه أبو عون الأبرش ".
أقول: لا يخفى أن الظاهر من قوله (عليه السلام) في رواية الحسن الصيقل:
" لا ينبغي " بمعونة ما نقلناه عن التهذيب إنما هو التحريم (أما أولا) فلأن استعمال هذا اللفظ في التحريم شائع في الأخبار كما عرفت في غير موضع من هذا الكتاب.
و (أما ثانيا) فلأن الظاهر من الأخبار وكلام الأصحاب أن الصراخ محرم وإنما الجائز النوح بالصوت المعتدل والقول بحق، فكذا يجب القول في الشق وإلا لزم استعمال اللفظ المشترك في معنييه ا وحقيقته ومجازه وهم لا يقولون به، ويخرج خبر خالد بن سدير المتضمن لايجاب الكفارة على الزوج في الشق على زوجته والوالد على والده شاهدا على ذلك، وبه يظهر صحة ما ذكره الأصحاب من الحكم المذكور وأن حمله في المدارك الرواية المشار إليها على الكراهة من حيث إن لفظ " لا ينبغي " في عرف الناس بمعنى الكراهة ليس بجيد. نعم قد دلت رواية خالد بن سدير على استثناء شق المرأة على زوجها زيادة على ما ذكره الأصحاب من الشق على الأب والأخ فيجب القول به.
وأما ما يدل على الشق على الأب والأخ فهو فعل الإمام الحسن العسكري على أبيه وأخيه (عليهم السلام) وفعل موسى بن عمران على أخيه هارون (عليهما السلام) وفي استدلاله (عليه السلام) واحتجاجه على من لامه في الشق بشق موسى على أخيه هارون ما يؤيد ما قدمناه من أن ما يحكونه عن الأنبياء السابقين يكون حجة ودليلا للحكم في شريعتنا ما لم يعلم الاختصاص، ومثله حديث خالد بن سدير واستدلال الصادق (عليه السلام)