تعالى بنصرهم المظلوم على الظالم، وكذلك لا تبادر قط للشفاعة في إنسان ادعى أنه مظلوم حتى تفحص عن حكايته، فربما يكون وقع في حد من حدود الله عز وجل، فتقع في نهى الشارع عن الشفاعة في الحدود.
وقد جاءني شخص يبكي ويطلب مني الشفاعة فيه عند عامر بن بغداد، فأرسل يقول لي إن هذا زور علي كتابا للكاشف وعلمه بعلامتي انه يقتل فلانا وفلانا اللذين كانوا عنده في الحبس، ويكبس على البلد الفلانية ويأخذ منها فلانا، وفلانا فمثل هذا يستحق التأديب الشديد، ومن ذلك اليوم وأنا أتربص في كل حكاية ولا أشفع إلا بعد تأمل زائد لكثرة إنهاء الخلق للفقراء خلاف الواقع.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى فراسة تامة وإلا وقع في النهي وهو لا يشعر، كما يقع في ذلك من كان ساذجا من الفقراء. وقد وقع لشيخ الإسلام نور الدين الطرابلسي الحنفي رحمه الله أنه ركب للأمير غانم الحمزاوي يشفع عنده في شخص كان قد عمل على قتل غانم مرارا فقال غانم لجماعة الفقهاء الحاضرين تدرون ما يقول سيدنا شيخ الإسلام؟ قالوا لا: قال: يقول لي أطلق هذا الثعبان الذي كنت خائفا منه سنين حتى يلسعك فتموت لأجلي، فقال الجماعة كلهم هذا لا ينبغي فرجع شيخ الإسلام بلا قبول شفاعة، ولو أنه كان حاذقا يعرف أحوال الناس ما شفع في مثل ذلك إلا بطريق يمهدها أولا للمشفوع عنده ثم على بصيرة من أمر المشفوع فيه والمشفوع عنده.
* (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) *.
روى أبو داود وغيره مرفوعا: " " من خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى يبرح، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه سقاه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال " ".
والخبال: عصارة أهل النار أو عرقهم كما في رواية مسلم.
وفي رواية للحاكم: " " من أعان على خصومة بغير حق كان في سخط الله حتى ينزع " ".
وروى أبو داود وابن حبان في صحيحه: