يكون معصوما، فمن عرف ما قلناه ووجعه عضو فليفتش نفسه، فإنه لا بد أن يكون فعل به غير ما أمر فليعزم على التوبة النصوح فهي أقرب إلى شفاء ذلك العضو، وقد أغفل هذا خلق كثير فلم يتنبهوا لما قلناه فدامت أمراضهم أو طال زمنها، فكل عضو عليه زكاة، فإن أخرجها صاحبه منه فقد أخرج ما فيه من الخبث والمرض، وإن لم يخرجها فلا بد له قبل دخوله الجنة من التطهير إما بالعفو عنه من باب الامتنان، وإما بالتوبة والاستغفار، وإما بالعذاب في النار.
وقد قال لي شخص من العميان مقصودي أحد يفلي لي جبتي من القمل، فلم أصغ إليه لا بنفسي ولا بغيري فاخذني الله تعالى بذلك، وأطلع في جفن عيني دملين فصارا ينضحان قيحا وصديدا مدة سبعة أشهر حتى أنهما أجمعت الحكماء على أنهما تلفا وذهب ضوءهما وما بقي ينفع فيهما دواء، فألهمني الله تعالى بتذكر ذلك الأعمى فتبت واستغفرت فخفف الألم من ذلك اليوم حتى استعجب الحكماء، وقالوا هذا أمر رباني ما للخلق فيد عمل.
وكذلك وقع لي في سنة خمس وخمسين أن امرأة قالت لي أكتب لي للكاشف كتابا يخلص لي ولدي من الحبس، فقلت لها ليس لي معرفة بالكاشف، وتركت الكتابة لها فرمدت أكثر من شهر وضعف بصري عن قراءة الخط الدقيق بعد أن كنت أقرأ الكتابة التي في داخل القمر أقرأ حروفها وأنا إلى وقتي هذا على ذلك الحال من ضعف البصر وكذلك القول في الأذن إذا قال لك شخص اسمع لي حاجتي أو سورتي، وكذلك القول في الرجلين إذا قال لك إنسان امش معي خطوة اقض حاجتي، وكذلك القول في الفرج إذا حصل به فاحشة، ونحو ذلك فلا تطمع في معافاتك من البلاء وأنت تستعمل أعضاءك في غير ما خلقت له أبدا بحسب مقامك فإن العارفين ربما آخذ الله أحدهم بنظره إلى غيره بغير إذنه فإن ذلك لا يكون. ثم لا يخفى أن العارفين ربما كانت لهم مؤاخذتهم على ذنوب لم يؤاخذ بها غيرهم بحسب علو مقامهم.
وقد نظر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ليلة إلى السماء فحصل في قلبه قساوة، فحكى ذلك لأمه فقالت: يا ولدي لعلك نظرت إلى السماء على غير وجه الاعتبار، والله تعالى ما أذن لك إلا في نظر الاعتبار.
ونظر بعض المريدين إلى أمرد فاسود وجهه، وصار كقعر القدر حتى استغفر له