إنه ليغان على قلبي فأستغفر ربي في اليوم والليلة أكثر من سبعين مرة.
أن المراد به أنه اطلع على ما تقع فيه أمته من المعاصي بعده، فكان يستغفر الله تعالى لهم لا له، لأنه صلى الله عليه وسلم لا ذنب عليه، فقال له قائل فما المراد بقوله تعالى:
* (واستغفر لذنبك؟) *.
فقال: المراد به ذنب أمته، وإنما أضيف إليه لأنه هو المشرع لتحريمه، فكأنه قيل له استغفر لأهل الذنب الذي حرمته شريعتك.
هكذا رأيته عن الجنيد منقولا في بعض الكتب، وهو اللائق بمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول يهون الموت على كل إنسان من الأمة ويصعب بقدر جهاده لنفسه فمن بقي عليه بقية مجاهدة صعب عليه طلوع الروح بقدرها والناس بين مقل ومكثر. وأما الخواص الذين لم يبق عليهم من مجاهدة نفوسهم بقية كأبي بكر الصديق وأضرابه فلا يتأثر بطلوع روحه أبدا، وإنما يتأثر الجسم من حيث فراق من كان سببا لحياته المدبرة له، فإن الله تعالى أوحى إلى الروح إن ادخلي كرها واخرجي كرها: أي ادخلي كرها عليك وأخرجي كرها على الجسد، وذلك لأنها من عالم الانفساح والسراح والجسم يقيدها فيه عن سرحها، وقد أنشد سيدي علي بن وفا رضي الله عنه في الروح مخمسا:
قد سمعت الروح تحكي * أن نفس المتزكي أنشدت كالمشتكي * أنا في الغربة أبكي ما بكت عين غريب بعد روضي ومروجي * وارتفاعي وعروجي صرت في الضيق الحريجي * لم أكن عند خروجي من مكاني بمصيب كنت حقا روح ملكي * فتغربت بدركي مع وهم خلد إفكي * فاعجبوا لي ولتركي وطنا فيه حبيبي