له: أنتم بحمد الله من أهل الكشف ومقصودنا تخبرونا بشئ من وقائع الولاة لنظهر على المنكرين عليكم بذلك إذا صح فلعلهم يتوبون كما تبنا فيحصل لهم الخير، فسكت الشيخ ساعة ثم قال: السلطان جان بلاط يضرب عنقه في يوم الأحد سابع عشر جمادى الأولى، ويتولى بعده فلان، فأخذوا خط الشيخ بذلك ومضوا به إلى السلطان جان بلاط وأشاعوا الخبر بذلك في مصر فحصل للمملكة رج، فقال السلطان علي به أقتله قبل أن أقتل، فطلبوا الشيخ فاختفى نحو سبعة وأربعين يوما حتى ضربت عنق السلطان كما قال.
فانظر يا أخي شدة هذا الأذى ومع ذلك صفح عنهم رجاء الصفح من الله كما درج عليه أهل الطريق رضي الله عنهم.
وسمعت سيدي عليا المرصفي رحمه الله يقول: كل مريد آخذا إخوانه بما يبدوا في حقه منهم فلا ترجو له خيرا ولا رقيا في مقامات الرجال.
فاعف يا أخي عن إخوانك واصفح لتفوز بمحبة الله عز وجل لك كما قال لنبيه صلى الله عليه وسلم:
* (فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين) *.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به حتى يلطف كثائفه ويصير يرى ما أعد الله تعالى لمن عفا وأصلح وصفح عن أخيه في الجنة إن لم يصل إلى درجة الصالحين الذين امتثلوا أمر ربهم من غير نظر إلى ثواب أو خوف من عقاب، ومن لم يسلك كما ذكرنا فبصره مقصور على أمور الدنيا يبيع أباه بفلس كما يترك الجنة وما فيها لغرض من الدنيا، ويصفح عن خصمه لأجله ثم من أقبح لما يقع فيه المريد أن يقول له شيخه اصفح فيقول لا، وفي ذلك نكث للعهد وخروج من طريق الفقراء إلى طريق العوام فيجب عليه أن يتوب ويجدد العهد.
* (والله غفور رحيم) *.
وروى أبو يعلى بإسناد صحيح عن عدى بن حاتم قال: " " هشم رجل فم رجل على عهد معاوية فأعطى ديته فأبى أن يقبل حتى أعطى ثلاثا " ". فقال رجل: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" " من تصدق بدم أو دونه كان كفارة له من يوم ولد إلى يوم تصدق " ".