* (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) *.
وقد تقدم في هذه العهود أن من آداب الفقراء كلما لبسوا ثوبا جديدا أو عمامة أو رداء في هذا الزمان أن يقول بتوجه تام: اللهم إن كان في هذا الثوب أو الرداء أو العمامة درهم من حرام فاحمنا من لبسه أو سامحنا في لبسه ولا تؤاخذنا بذلك في الدنيا والآخرة.
واجعلها تقيم عندنا بقدر ما فيها من الحل، فإنك عالم بالسرائر، ومن حين عملت أنا بهذا العهد ما تقطع لي ثوب، وقد عد أخي إبراهيم السند بسطي الثياب التي كسوتها للناس في مدة صحبته لي فوجدها سبعمائة زيق، ما بين جوخ وصوف ومضربات وجبب وقمصان، ومنها ما كان يقيم عندي يوما، ومنها ما يقيم سنة وأقل وأكثر بقدر ما فيها من الحل في نفس الأمر الذي يعلمه الله تعالى، فالحمد لله رب العالمين.
روى الترمذي مرفوعا: وقال حسن صحيح:
" " من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة وهو على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها " ".
وروى أبو داود والبيهقي مرفوعا: " " من ترك لبس ثوب جمال وهو يقدر عليه قال الراوي أحسبه قال: تواضعا كساه الله حلة الكرامة " ".
وروى أبو داود وابن حبان أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا الدنيا يوما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" " ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان " ".
يعني التحفل. والبذاذة بالموحدة وذالين معجمتين هي التواضع في اللباس برثاثة الهيئة وترك الزينة والرضا بالدون من الثياب.
وروى البيهقي مرفوعا: " " إن الله عز وجل يحب المتبذل الذي لا يبالي بما لبس " ".
وروى الشيخان وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها أنها أخرجت لأبي بردة كساء ملبدا من الذي يسمونه الملبدة وإزارا غليظا مما يصنع باليمن وأقسمت بالله لقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الثوبين والملبد المرقع، وقيل غير ذلك.