ويأكلون معلوم وظائفهم من غير مباشرة، مع أنهم يفتون بتحريم ذلك في حق غيرهم، وهذا كله من الجهل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" " ليس المعطي بأفضل من السائل إذا كان محتاجا " ".
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: اسع على عيالك ليلا ونهارا ولو سماك الناس دنيويا فإنه خير من أن يسموك صالحا وأنت تأكل صدقاتهم وأوساخهم، وناظر لما في أيديهم، وكل من لم يعطك شيئا تصير تكرهه، مع أن تلك الكراهة من غير حق.
وقد رأى سيدي علي الخواص مرة شخصا من مشايخ العصر، كان يتجر في البز والقماش، فترك ذلك وعمل شيخا، فقال له أرجع إلى حالتك الأولى فإنها أرجح لك، وأطهر لقلبك فلم يسمع، فدعا الشيخ عليه بمحبة الدنيا وحرمانه منها فصار بعد شهر كذلك فلا هو يترك الدنيا ولا يقدر على أن يأكل منها ولا يتصدق منها، ولا ينفق على عياله فتلف بالكلية لمخالفته الإشارة، وبلغني أن له الآن كل سفرة نحو خمسة عشر ألف دينار في بلاد التكرور وفي بلاد الشام وفي الحجاز، وقد قالوا: أقبح من كل قبيح صوفي شحيح.
فاعمل يا أخي على تحصيل النفقة عليك وعلى عيالك كل يوم بيوم، ولا تدخر شيئا إلا لعذر شرعي.
والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. والله تعالى أعلم.
وقد تقدم في كتاب الصدقات الترغيب في النفقة على الزوج والأقارب وتقدمهم على غيرهم.
روى مسلم مرفوعا: " " دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أ نفقته على أهلك " ".
وفي رواية لمسلم والترمذي: " " أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله " ".
قال أبو قلابة: بدأ بالعيال، ثم قال أبو قلابة، وأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال صغار؟ يعفهم الله أو ينفعهم الله به ويغنيهم.