بصدق لأعانهم الله على الوفاء، وكم من شخص تحبسه امرأته ويحكمها الله تعالى فيه حتى يصير يقبل نعلها أن تطلقه فلا تطلقه، وهذا من أعظم الخزي، على كل ذي مروءة.
ثم إن وقعت يا أخي في الدين فإياك أن تظهر لصاحب الدين الفقر، والأمر بخلاف ذلك فيسلطه الله عليك بالحبس، وتقسي قلبه عليك وإياك إن تتزوج وعليك دين أو تتسرى أو تعمل عرسا أو سماطا بل قتر على نفسك كل التقتير، وكل شئ دخل يدك مما زاد على ضرورتك، فأعطه لصاحب الدين، واشكر فضله في صبره عليك، وقل له بحق وصدق والله أنا في خجل منك، ولكن ادع الله لي أن يوسع علي حتى أوفيك أو أوفي غيرك، وقد دخل جماعة كثيرة من إخواننا الحبوس بسبب الكلام المر لصاحب الدين وبسبب التزويج وعمل الأعراس، والعزومات، وقال أصحاب الديون نحن أحق بذلك المال الذي ينفقه على شهوات نفسه وهو حق، وإذا طلب صاحب الدين أن يحبس المديون فمن الأدب أن لا يتوارى عنه بل يجئ بنفسه إليه ويقول أنا أسيرك في الدنيا والآخرة، فإن شئت فاحبس وإن شئت فأطلق، وكذلك من الأدب أن يشكره بين الناس ويدعو له فيما بينه وبين الله بتوسعة الرزق وتعطيفه عليه حتى لا يحبسه ولا يضيق عليه، وإذا ساق الفقراء أو العلماء فمن الأدب أن يكونوا مع صاحب الحق لأن بيده العقد والحل ولا يكونوا مع المديون فيزداد الأمر شدة فإن المديون هو القليل الدين الذي أتلف مال الناس. وفي الحديث:
" " هلا مع صاحب الحق كنتم " ".
ثم إذا جاء العلماء أو الفقراء سياقا، فمن الأدب من صاحب الدين أن يجعل لسياقهم تأثيرا ولا يخالفهم يندم وإن راح بعدهم إلى الشرع غلبوه، وإياك أن تستكثر مع القدرة إسقاط شطر الدين لأجل سياق العلماء والصالحين فإن جميع ذلك الدين لا يجئ في مقابلة خطوة واحدة يمشيها إليك عالم أو صالح.
وقد بلغ سيدي عليا الخواص أن شخصا أتى بفقير سياقا على خصمه ليصبر عليه بدينه وكان خمسمائة دينار فأبى أن يصبر فقال الشيخ وعزة ربي الخمسمائة دينار لا تجئ حق طريق الفقير، ولكن ما بقي يصل منها إليه شئ فاتهم ذلك الشخص بتهمة في بيت الوالي فضرب فمات وحضرنا جنازته رحمة الله عليه، فاعلم ذلك والله يتولى هداك.
روى الحاكم والطبراني مرفوعا: " " من تداين بدين وفي نفسه وفاؤه ثم مات