عن حاجتنا ولا ندخر منه شيئا إلا لضرورة شرعية سواء كان مالا أو طعاما أو ثيابا عملا بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تخلى يوم واحدا من صدقة، فإن لم نجد شيئا مما ذكرناه تصدقنا بالتسبيح وقراءة القرآن والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك من صنائع المعروف.
وفي الحديث: " " صنائع المعروف تقي مصارع السوء " ".
ومعنى التصدق بالتسبيح وشبهه أن يجعل ثواب ذلك في صحائف المسلمين، وهذا العهد يتعين العمل به على كل من كان قدوة في دين الله من العلماء والصالحين، فينبغي لأحدهم أن يكون مقداما للناس في كل خير. وفي ذلك فوائد: منها امتثال أوامر الله تعالى ومنها عكوف الطلبة والمريدين على شيخهم إذا رأوه يعينهم على أمر معاشهم فيتقيدون عليه ويحصلون العلم وينشرون ذلك بعده، ومنها دفع البلايا والمحن عنه في ذلك اليوم.
ومن هنا قالوا: أقبح من كل قبيح صوفي شحيح، وفي المثل السائر أن فلانا وفلانا جلسوا يأكلون كذا وكذا وتركوني مثل قط الفقيه فلم يعزموا علي، يعني أن غالب الفقهاء يشح على القط أن يرمي له ورك دجاجة أو رقبتها، والأمثال لا تضرب في شئ إلا إذا كان تكرر ذلك الشئ من أهله. ويقولون في المثل: يد تأخذ لا تعطي، يعني أن كل من تعود الأخذ من صدقات الناس فهو يشح على غيره.
وقد كان سيدي علي الخواص إذا سأله فقير شيئا ينقسم [أي يمكن تقسيمه] كالطعام والفلوس، قسم ما عنده في ذلك بينه وبين الفقير نصفين، ويقول: إن الله تعالى يكره العبد المتميز عن أخيه.
وكان الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه يقول: إذا طلب منك أحد أن يؤاخيك فاسأله نصف ماله، فإن أعطاك النصف فهو أخ وإلا فلا تجبه لصحبة.
ثم اعلم يا أخي أن من الأولياء من لم يجعل الله تعالى على يديه شيئا من أرزاق الخلائق لإقامته في حضرة اسمه تعالى المانع فيقول الناس حاشى أن يكون هذا من أولياء الله تعالى، فإن من شرط الولي السخاء والتكرم، ولو كان هذا من أولياء الله تعالى لكان كريما سخيا، وذلك لا يقدح في كمال ولاية ذلك الولي لأنه لم يمنع ذلك بخلا وإنما هو يود أن لو جعل الله على يديه رزقا لأحد وأعطاه له والإثم إنما هو في حق من يمنع بخلا وشحا في الطبيعة، وأما من يمنع لحكمة فلا إثم عليه، إذ الأولياء على الأخلاق الإلهية درجوا، وقد سمى تعالى نفسه المانع ولم يسمه نفسه بخيلا، وربما كان ذلك الولي الذي ليس له سماط