ومفهومه أن من لم يقم الصلاة ولم يؤد الزكاة فليس هو من إخواننا في الدين، ولا يخفى حكمه فوالله لقد صارت أفعال غالب الخلق كأفعال من لا يؤمن بيوم الحساب، ولا بما توعد الله تعالى عليه عباده، فإن من لم يكن عنده ما توعده الله عليه أو وعده من الأمور المغيبة عنه كالحاضر فإيمانه مدخول.
وتأمل يا أخي لو أن السلطان أوقد نارا لمانع الزكاة، وقال إن لم تخرج زكاتك أحرقتك في هذه النار كيف يخرجها ولا يتوقف أبدا؟ ولو قال له صديقه لا تخرج زكاتك لا يطيعه، وذلك لشهود النار وتعذيبه بها عاجلا غير آجل، فهكذا فليكن الأمر فيما توعد به الحق تعالى عباده على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم تأمل يا أخي في تسمية الله تعالى إخراج الإنسان حق الله تعالى في ماله زكاة: أي نمو وزيادة تعرف أن ذلك إنما هو امتحان لمن يدعي الإيمان، وتصديق الله عز وجل فيما أخبر به هل يصدقه في زيادة المال إذا أخرج حق الله منه، ويكون في شهوده كالزيادة أم لا؟ وتأمل لو جلس يهودي بشكارة ذهب وقال لكل من مر عليه من المؤمنين كل من أعطى هذا الفقير درهما أعطيته دينارا، كيف يتزاحم الناس على إعطاء هذا الفقير، لأجل زيادة العوض؟ وقد قال الله تعالى:
* (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة) * وقال تعالى: * (وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه) * وقال صلى الله عليه وسلم ما نقص مال من صدقة " ".
فليمتحن المدعي للتصديق بكلام الله ورسوله نفسه، فإن رآها لا تمل من الإعطاء أبدا للفقراء ولو طلبوا منه جميع ما معه أعطاه لهم فليحكم لها بكمال الإيمان، وإن رآها تمل من ذلك فليحكم عليها بنقص الإيمان، وربما كان أحدهم يعطي الفقراء لكثرة ما جرب من إضعاف التوسعة عليه كما أعطى، فهذا عبد تجربة، فربما كان الحاث له على العطاء كون الحق تعالى يخلف عليه أضعاف ما أعطى، والمؤمن الكامل من أعطى عباد الله تعالى امتثالا لأمر الله لا لعلة إخلاف الله عليه ولا غير ذلك، اللهم إلا إن يريد بكثرة الإعطاء كثرة الإنفاق في مرضاة الله تعالى فهذا لا مانع منه وربما كان الإنسان يخف عليه إعطاء الدينار للسائل أول مرة، ثم إذا طلب منه السائل دينارا ثانيا أعطاه لكن ببعض ثقل، ثم إذا سأله ثالثا أعطاه بثقل لكن أعظم من الثاني، وهكذا حتى ربما