لا يصل إلى الدينار العاشر ومعه بقية داعية للعطاء، فلو أن مثل هذا كان كامل الإيمان لكان آخر دينار في الخفة عليه كأول دينار على حد سواء في الخفة.
وقد أخبرني الشيخ جمال الدين ابن شيخ الإسلام زكريا أن الشيخ فرجا المجذوب لقيه ومعه أربعون نصفا فسأله الشيخ فرج نصف فأعطاه ثم سأله آخر فأعطاه، فما زال يسأله حتى بقي معه نصف واحد من الأربعين فقال أعطني النصف الآخر، فقال: يا شيخ فرج أنا محتاج إليه، فقال: قد كتبت لك وصولا على شموال اليهودي بتسعة وثلاثين دينارا، فقال: قف خذ النصف الآخر فقال ما رضيت، قال الشيخ جمال الدين:
فبينما أنا جالس في أثناء النهار فإذا يهودي يدق الباب فقلت له من هذا فقال يهودي، فقلت له أدخل، فقال: إن والدك كان أعطاني أربعين دينارا قرضا وما بيني وبينه إلا الله تعالى، وقد عجزت عن دينار منها فأبرئ ذمتي، ووضع الدنانير بين يدي، فمن ذلك اليوم ما سألني الشيخ فرج شيئا ومنعته إياه، قال سيدي جمال الدين: فندمت أني ما كنت أعطيته النصف الآخر، فإنه عوض لي في كل نصف واحد أربعين نصفا ثم قال تبت إلى الله تعالى أن أحدا من أولياء الله يطلب مني شيئا ولا أعطيه له اه.
فانظر يا أخي كيف صار إيمان سيدي جمال الدين في آخر نصف من توقفه، ولو أنه كشف حجابه لم يتوقف في آخر نصف بل كان يعطيه من غير توقف، قال سيدي جمال الدين: ثم إني لقيت الشيخ فرجا بعد ذلك فذكرت له القصة فقال: إنما فعلت ذلك معك لأمرنك على معاملة الله عز وجل، فإذا كنت وأنا عبد قد وفيت لك أضعاف ما أعطيتني فالحق تعالى أولى بذلك * (ومن أوفى بعهده من الله) *.
فقلت له لأي شئ ما قلت لي أعطني درهما أعطك بدله دينار؟ فقال: كانت تبطل فائدة الامتحان لأنه حينئذ يصير العوض مشهودا لك ولا تظهر ثمرة المحنة إلا إذا لم يذكر الممتحن العوض، وأوهمه أنه لا يعوض عليه بدل ذلك شيئا اه.
فاعلم أن الواجب على العبد أن يعطي الله ما أمره به محبة في ربه عز وجل لا طلبا للعوض الدنيوي أو الأخروي، فإن ذلك سوء أدب وجهل بعظمة الله تعالى.
فأخرج يا أخي زكاتك طوعا وامتثالا لأمر ربك، وإن لم تطاوعك نفسك فاتخذ لك شيخا يرقيك إلى كمال الإيمان، فهناك لا تتوقف على توعده لك بحرقك بالنار إن لم