خطاب الواحد، وفي تناوله لغيره خلاف في الأصول معروف. قال القاضي عياض:
وأجمعوا على أنه لا حد لأكثر ما يؤلم به، وأما أقله فكذلك، ومهما تيسر أجزأ، والمستحب أنها على قدر حال الزوج. قوله: ما أولم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على شئ من نسائه الخ، هذا محمول على ما انتهى إليه علم أنس، أو لما وقع من البركة في وليمتها، حيث أشبع المسلمين خبزا ولحما من الشاة الواحدة، وإلا فالذي يظهر أنه أولم على ميمونة بنت الحرث التي تزوجها في عمرة القضية بمكة، وطلب من أهل مكة أن يحضروا وليمتها، فامتنعوا أن يكون ما أولم به عليها أكثر من شاة لوجود التوسعة عليه في تلك الحال، لأن ذلك كان بعد فتح خيبر، وقد وسع الله على المسلمين في فتحها عليهم، هكذا في الفتح وما ادعاه من الظهور ممنوع، لأن كونه دعا أهل مكة لا يستلزم أن تكون تلك الوليمة بشاة أو بأكثر منها، بل غايته أن يكون فيها طعام كثير يكفي من دعاهم، مع أنه يمكن أن يكون في تلك الحال الطعام الذي دعاهم إليه قليلا ولكنه يكفي الجميع بتبريكه صلى الله عليه وآله وسلم عليه، فلا تدل كثرة المدعوين على كثرة الطعام ولا سيما وهو في تلك الحال مسافر، فإن السفر مظنة لعدم التوسعة في الوليمة الواقعة فيه، فيعارض هذا مظنة التوسعة لكون الوليمة واقعة بعد فتح خيبر. قال ابن بطال: لم يقع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم القصد إلى تفضيل بعض النساء على بعض بل باعتبار ما اتفق، وأنه لو وجد الشاة في كل منهن لا ولم بها لأنه كان أجود الناس، ولكن كان لا يبالغ فيما يتعلق بأمور الدنيا في التأنق، وقال غيره: يجوز أن يكون فعل ذلك لبيان الجواز.
وقال الكرماني: لعل السبب في تفضيل زينب في الوليمة على غيرها كان الشكر لله على ما أنعم به عليه من تزوجه إياها بالوحي. وقال ابن المنير: يؤخذ من تفضيل بعض النساء على بعض في الوليمة جواز تخصيص بعضهن دون بعض في الاتحاف والالطاف.
قوله: وعن صفية بنت شيبة صفية هذه ليست بصحابية وحديثها مرسل، وقد رواه البعض عنها عن عائشة، ورجح النسائي قول من لم يقل عن عائشة، ولكنه قد روى البخاري عنها في كتاب الحج أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد ضعف ذلك المزي بأنه مروي من طريق أبان بن صالح، وكذلك صرح بتضعيفه ابن عبد البر في التمهيد، ويجاب بأنه قد وثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم، حتى قال الذهبي في التهذيب: ما رأيت أحدا ضعف أبان بن صالح،