الوطئ. قال الحافظ: ولا مانع من الحمل على المعنى الأعم بأن يراد بالباءة القدرة على الوطئ ومؤن التزويج، وقد وقع في رواية عند الإسماعيلي من طريق أبي عوانة بلفظ: من استطاع منكم أن يتزوج فليتزوج وفي رواية للنسائي: من كان ذا طول فلينكح ومثله لابن ماجة من حديث عائشة والبزار من حديث أنس. قوله: أغض للبصر الخ، أي أشد غضا وأشد إحصانا له ومنعا من الوقوع في الفاحشة. قوله: فعليه قيل هذا من إغراء الغائب، ولا تكاد العرب تغري إلا الشاهد تقول: عليك زيدا، ولا تقول: عليه زيدا. قال الطيبي: وجوابه أنه لما كان الضمير للغائب راجعا إلى لفظة من وهي عبارة عن المخاطبين في قوله: يا معشر الشباب. وبيان لقوله: منكم جاز قوله عليه لأنه بمنزلة الخطاب. وأجاب القاضي عياض بأن الحديث ليس فيه إغراء الغائب، بل الخطاب للحاضرين الذين خاطبهم أولا بقوله: من استطاع منكم وقد استحسنه القرطبي والحافظ والارشاد إلى الصوم لما فيه من الجوع والامتناع عن مثيرات الشهوة ومستدعيات طغيانها. قوله: وجاء بكسر الواو والمد وأصله الغمز، ومنه وجأه في عنقه إذا غمزه، ووجأه بالسيف إذا طعنه به، ووجأ أنثييه غمزهما حتى رضهما. وتسمية الصيام وجاء استعارة والعلاقة المشابهة لأن الصوم لما كان مؤثرا في ضعف شهوة النكاح شبه بالوجاء. وقد استدل بهذا الحديث على أن من لم يستطع الجماع فالمطلوب منه ترك التزويج لارشاده صلى الله عليه وآله وسلم من كان كذلك إلى ما ينافيه ويضعف داعيه. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه مكروه في حقه. قوله: رد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عثمان بن مظعون التبتل هو في الأصل الانقطاع، والمراد به هنا الانقطاع عن النكاح وما يتبعه من الملاذ إلى العبادة، والمراد بقوله تعالى: * (وتبتل إليه تبتيلا) * (سورة المزمل، الآية: 8) انقطع إليه انقطاعا، وفسره مجاهد بالاخلاص وهو لازم الانقطاع. قوله: ولو أذن له لاختصينا الخصي هو شق الأنثيين وانتزاع البيضتين. قال الطيبي: كان الظاهر أن يقول: ولو أذن له لتبتلنا، لكنه عدل عن هذا الظاهر إلى قوله: لاختصينا الإرادة المبالغة، أي لبالغنا في التبتل حتى يفضي بنا الامر إلى الاختصاء، ولم يرد به حقيقة الاختصاء لأنه حرام، وقيل: بل هو على ظاهره وكان ذلك قبل النهي عن الاختصاء. وأصل حديث عثمان بن مظعون أنه قال: يا رسول الله إني رجل يشق علي العزوبة فأذن لي في الاختصاء
(٢٢٩)