عليه أنه يبعد أن ينسى بشير بن سعد مع جلالته الحكم في المسألة حتى يعود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيستشهده على العطية الثانية بعد أن قال له في الأولى:
لا أشهد على جور، وجوز ابن حبان أن يكون بشير ظن نسخ الحكم، وقال غيره: يحتمل أن يكون حمل الأمر الأول على كراهة التنزيه، أو ظن أنه لا يلزم من الامتناع في الحديقة الامتناع في العبد، لأن ثمن الحديقة في الأغلب أكثر من ثمن العبد. قال الحافظ: ثم ظهر وجه آخر من الجمع يسلم من هذا الخدش ولا يحتاج إلى جوابه، وهو أن عمرة لما امتنعت من تربيته إلا أن يهب له شيئا يخصه به وهبه الحديقة المذكورة تطيبا بخاطرها، ثم بدا له فارتجعها لأنه لم يقبضها منه غيره، فعاودته عمرة في ذلك فمطلها سنة أو سنتين ثم طابت نفسه أن يهب له بدل الحديقة غلاما ورضيت عمرة بذلك إلا أنها خشيت أن يرتجعه أيضا فقالت له: أشهد على ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تريد بذلك تثبيت العطية، وأن تؤمن رجوعه فيها، ويكون مجيئه للاشهاد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة واحدة وهي الأخيرة، وغاية ما فيه أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ غيره، أو كان النعمان يقص بعض القصة تارة وبعضها أخرى، فسمع كل ما رواه فاقتصر عليه اه. ولا يخفى ما في هذا الجمع من التكلف، وقد وقع في رواية عند ابن حبان عن النعمان قال: سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله، زاد مسلم والنسائي من هذا الوجه: فالتوى بها سنة أي مطلها، وفي رواية لابن حبان أيضا: بعد حولين، ويجمع بينهما بأن المدة كانت سنة وشيئا، فجبر الكسر تارة وألغاه أخرى. وفي رواية له قال: فأخذ بيدي وأنا غلام ولمسلم انطلق بي أبي يحملني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويجمع بينهما بأنه أخذ بيده فمشى معه بعض الطريق وحمله في بعضها لصغر سنه. قوله: فقال أرجعه لفظ مسلم: أردده وله أيضا والنسائي: فرجع فرد عطيته ولمسلم أيضا: فرد تلك الصدقة زاد في رواية لابن حبان: لا تشهدني على جور ومثله لمسلم، وقد تقدم لابن حبان أيضا والطبراني مثل ذلك، وذكر هذا اللفظ البخاري تعليقا في الشهادات. وفي رواية لابن حبان من طريق أخرى: لا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور وله في طر يق أخرى أيضا: فإني لا أشهد على جور أشهد على هذا غيري وله وللنسائي من طريق أخرى: فأشهد على هذا غيري ولعبد الرزاق عن طاوس مرسلا: لا أشهد إلا على الحق لا أشهد بهذه. وللنسائي: فكره