والتواد المنهي عنه، ومن الأدلة القاضية بالجواز قوله تعالى: * (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) * (سورة لقمان، الآية: 15) ومنها أيضا حديث ابن عمر عند البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كسا عمر حلة فأرسل بها إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم. قوله: قال ابن عيينة الخ، لا ينافي هذا ما رواه ابن أبي حاتم عن السدي أنها نزلت في ناس من المشركين كانوا ألين جانبا للمسلمين وأحسن أخلاقا من سائر الكفار، لأن السبب خاص واللفظ عام فيتناول كل من كان في معنى والدة أسماء كذا قال الحافظ ولا يخفى ما فيه لأن محل الخلاف تعيين سبب النزول وعموم اللفظ لا يرفعه، وقيل: إن هذه الآية منسوخة بالامر بقتل المشركين حيث وجدوا. قوله: قتيلة بضم القاف وفتح الفوقية وسكون التحتية مصغرا، ووقع عند الزبير بن بكار أن اسمها قيلة بفتح القاف وسكون التحتية، وضبطه ابن مأكولا بسكون الفوقية. قوله: ضباب وأقط في رواية غير أحمد : زبيب وسمن وقرظ ووقع في نسخة من هذا الكتاب قرظ مكان أقط. قوله:
فأمرها أن تقبل هديتها الخ فيه دليل على جواز قبول هدية المشرك كما دلت على ذلك الأحاديث السالفة وعلى جواز إنزاله منازل المسلمين.
وعن عياض بن حمار أنه أهدى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم هدية أو ناقة، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أسلمت؟ قال: لا، قال: إني نهيت عن زبد المشركين رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.
الحديث صححه أيضا ابن خزيمة. وفي الباب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عند موسى بن عقبة في المغازي: أن عامر بن مالك الذي يدعى ملاعب الأسنة قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو مشرك فأهدى له فقال: إني لا أقبل هدية مشرك الحديث، قال في الفتح: رجاله ثقات إلا أنه مرسل وقد وصله بعضهم ولا يصح.
قوله: زبد المشركين بفتح الزاي وسكون الموحدة بعدها دال. قال في الفتح:
هو الرفد انتهى، يقال: زبده يزبده بالكسر، وأما بزبده بالضم فهو إطعام الزبد، قال الخطابي: يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخا، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم قد قبل هدية غير واحد من المشركين، وقيل: إنما ردها ليغيظه فيحمله ذلك على الاسلام.
وقيل: ردها لأن للهدية موضعا من القلب، ولا يجوز أن يميل إليه بقلبه فردها قطعا لسبب الميل، وليس ذلك مناقضا لقبول هدية النجاشي وأكيدر دومة والمقوقس