الخامس: تخيير الحاكم، لامتناع الجمع وفقد المرجح.
السادس: ما عليه المعظم وجعله أقوى، من وجوب الجمع بينهما بقدر الامكان عملا بقاعدة الجمع مهما أمكن أولى. وقد بنى على أن طريقة الجمع هو العمل بكل من البينتين في قيمة نصف العين فإنها جزء مضمون البينة، لامتناع العمل بكل منهما في تمام المضمون، فيؤخذ بإحدى البينتين في قيمة نصف العين ويؤخذ بالأخرى في قيمة النصف الآخر. وفي هذا جمع بين الدليلين وجمع بين الحقين بلا إيراد حيف على أحد المتبايعين بخصوصه.
ثم تعرض لنفي الوجوه الأخرى.
وتحقيق الكلام في المقام: إن التعارض بين الدليلين إنما هو فرع شمول دليل الحجية لكل منهما في حد نفسه ومع قطع النظر عن المعارضة، وأما إذا لم يكن كل منهما مشمولا لدليل الحجية فلا تعارض أصلا، إذ لا حجية لأحدهما كي يتصادمان.
وعليه، نقول: إنه من القريب جدا ما ذهب إليه السيد الطباطبائي (رحمه الله) (1) من أن دليل حجية البينة لا يشمل صورة تعارضهما أصلا، فلا دليل على حجية البينة في صورة التنافي، فإنه ليس لدينا اطلاق أو عموم يتكفل حجية البينة بقول مطلق، وما قام على حجيتها قاصر الشمول لمورد التعارض، كما لا يخفى على من لاحظ نصوص حجية الشهادة.
ولو سلمنا أن الدليل يشمل البينة في مورد التعارض، فتارة: يلتزم بأن الحجية المجعولة من باب الطريقية. وأخرى: من باب السببية.
فعلى الأول، فالقاعدة تقضي بتساقط البينتين عند التعارض، لأن القاعدة في تعارض الأدلة هي التساقط. وإنما يلزم الجمع بينهما إذا كان الجمع عرفيا، لا ما إذا كان تبرعيا.
ومن الواضح أن ما ذكره الشيخ (قدس سره) من الجمع ليس جمعا عرفيا بين البينتين، فلا عبرة به.