فبقي موضوع الاستصحاب، وجرى الاستصحاب الحكمي فيه، بل مع الغض عنه يحكم بنجاسته، لملاقاته مع الإناء المتنجس بالخمر، فلا بد في الحكم بطهارته من قيام دليل مخرج عن الأصل وإطلاق الدليل، وهو النصوص المستفيضة، مضافا إلى الاجماع المنقول مستفيضا فيما ينقلب خلا بنفسه، وإطلاق بعض معاقده فيما ينقلب بالعلاج، وعن جمع دعوى الشهرة عليه.
مثل موثقة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن الخمر العتيقة تجعل خلا قال: لا بأس " (1).
وموثقة عبيد بن زرارة قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأخذ الخمر فيجعلها خلا قال: لا بأس " (2).
وموثقته الأخرى عنه عليه السلام أنه قال: " في الرجل إذا باع عصيرا فحبسه السلطان حتى صار خمرا فجعله صاحبه خلا قال:
إذا تحول عن اسم الخمر فلا بأس " (3).
والظاهر منها جعلها خلا بالعلاج، فإن الخمر بنفسها ولو بقيت طويلا لا تصير خلا، فالمراد من جعلها خلا هو علاجها حتى صارت كذلك، بأن يوضع فيها شئ كالخل والملح.
هذا مع تصريح بعض الروايات به، مثل ما عن ابن إدريس نقلا عن جامع البزنطي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه سئل عن الخمر تعالج بالملح وغيره لتحول خلا قال: لا بأس بمعالجتها " الخ (4) وصحيحة عبد العزيز بن المهتدي على الأصح قال: " كتبت إلى الرضا عليه السلام جعلت فداك العصير يصير خمرا فيصب عليه الخل