وهذه كما ترى ظاهرة في الكراهة المصطلحة غير ممكن التأويل بغيرها من وجوه، وإن كان مقتضى تمسكه بالروايات الظاهرة في الحرمة أن يكون مدعاه التحريم، لكن نصوصية الصدر حاكمة على الذيل، سيما مع أن رواية الحلبي محمولة على الكراهة بقرينة عطف المفضضة على آنية الفضة، والنص قائم على عدم البأس بها، وهو صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة (1).
ولعل استناد الشيخ إليها على الكراهة كذلك، كما أن الحلبي الناقل لها عن أبي عبد الله عليه السلام قال في موضع آخر: " إنه كره آنية الذهب والفضة، والآنية المفضضة " (2).
وأما فتواه في زكاة الخلاف بحرمة الاتخاذ والاستعمال مستدلا على النبويين المتقدمين، وكذا فتواه في النهاية بحرمة الأكل والشرب فلا يصيران قرينة على أن مراده في المقام الحرمة أو الجامع بينهما وبين الكراهة، فإن التصرف في عبارة الخلاف كطرح النص لا تأويل الظاهر أو المجمل، نعم لأحد أن يقول بتصحيف نسخة الخلاف، وهو كما ترى فإذا كان الأمر كذلك والمسألة على هذه المنوال كيف يمكن الاتكال على دعوى إجماع العلامة ومن تأخر عنه، سيما في مطلق الاستعمال، مع أن جمعا من المتقدمين اقتصروا على الأكل والشرب كما تقدم.
فالمسألة قوية الاشكال، ولكن الخروج عن الاجماعات المنقولة في الأكل والشرب والاستعمالات المتعارفة المتيقنة أشكل،، للوهن الحاصل منها في الروايات المقابلة للنواهي الواردة عن الأكل والشرب، أو حصول الوثوق بأن المراد من الكراهة في الروايات غير معناها الاصطلاحي