منه أن محل الكلام موضوع واحد: هو مسه كما هو المعروف، لكن يظهر من الشيخ في الخلاف أن محط البحث بين الفريقين أمران: أحدهما أنه هل يجب الغسل على غاسل الميت؟ والثاني هل يجب ذلك على من مس ميتا بعد برده وقبل غسله؟.
وذلك أنه عنون المسألة الأولى فقال: يجب الغسل على من غسل ميتا، وبه قال الشافعي في البويطي، وهو قول علي عليه السلام وأبي هريرة، وذهب ابن عمر وابن عباس وعائشة والفقهاء أجمع: مالك وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق وأحد قولي الشافعي قاله في عامة كتبه أن ذلك مستحب، ثم استدل على الوجوب باجماع الفرقة وقاعدة الاحتياط ورواية أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ ".
ثم عنون الثانية وجعل المخالف جميع الفقهاء، واستدل بالاجماع والاحتياط دون الرواية. وهو ظاهر في أن خلافهم في الأولى دون الثانية.
ثم إن الموضوع في المسألة الأولى يحتمل أن يكون عنوان الغاسل ولو لم يمس الميت، فيكون الخلاف في أن الغاسل بما هو هل يجب عليه أم لا؟.
ويحتمل أن يكون المس الحاصل بتبع الغسل بمعنى أن للمس مصداقين أحدهما ما هو تبع الغسل، وهو محل الخلاف الأول، والثاني ما هو مستقل، وهو مورد الثاني، والجمود على ظاهر عنوان الخلاف أن محط البحث الأول، كما ربما تشهد له بعض الروايات، كصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " قلت: الرجل يغمض عين الميت أعليه غسل؟ قال: إذا مسه بحرارته فلا، ولكن إذا مسه بعدما برد