تفاوت الملك الحاصل بالبيع ونحوه مع الحاصل بالوقف إنما هو بأمر خارج; هو عدم نفوذ التصرف شرعا، ففي كل مورد لم يحصل قصر الملك بهذا المعنى، لا بد من الالتزام بأحد أمرين فاسدين بالضرورة:
إما الالتزام: بأن الوقف على غير ما يصلح للمالكية - نظير الوقف على الحيوانات، أو على معنى مصدري نظير الإحجاج والإرسال إلى المشاهد، ووقف المسجد والمشعر - خارج عن ماهية الوقف.
أو الالتزام: بأن الحيوان والحديقة والمعاني المصدرية، تصير بالوقف مالكة، فلو وقف شئ على الإحجاج، يصير الإحجاج مالكا، أو على حديقة الحيوانات تصير الحديقة أو الحيوانات مالكة، وهو كما ترى.
والالتزام: بأن حقيقة الوقف تختلف باختلاف الموارد، له في كل مورد معنى، لا يقصر عن الالتزامين المتقدمين، وفي كلامه موارد نظر، بل تناقض، لا يهمنا البحث عنها.
ثم إن الأقسام التي ذكروها للوقف - كوقف المسجد، والمشهد، والقناطر، والخانات، والعام، والخاص... إلى غير ذلك - ليست أقساما للوقف، بل أقسام لمتعلقه، والوقف حقيقة واحدة في جميع الموارد، والوقف على الجهة العامة ليس في الوقفية ممتازا عن الوقف الخاص، بل امتيازهما بالمتعلق، بعد اشتراكهما في الحقيقة، وكذا سائر الأقسام.
فعلى ذلك: لو كان بعض أقسامه مما لا يعقل فيه الملكية والمالكية كالأمثلة المتقدمة، نستكشف منه أن الوقف - بما هو - ليس تمليكا، ولا قصرا للملكية، فلا بد من تعريفه بوجه يدخل فيه جميع موارده مع الغض عن متعلقاته.