أفضل منهما، وكذلك هذه الأمة أفضل من سائر الأمم قبلها وأكثرها عددا وأفضل علما وأزكى عملا من بني إسرائيل وغيرهم. ويحتمل أن يكون قوله: (واصطفاك على نساء العالمين) محفوظ العموم فتكون أفضل نساء الدنيا...) (1).
أما الزمخشري فقد ذهب إلى رأي آخر حول المقصود من كلمة العالمين، إذ قال في تفسير قوله تعالى: (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين): (أي اذكروا نعمتي وتفضيلي على العالمين، على الجم الغفير من الناس كقوله تعالى: (باركنا فيها للعالمين)، يقال: رأيت عالما من الناس، يراد الكثرة) (2).
وقال الشيخ الطوسي: وقوله: (اصطفاك على نساء العالمين) يحتمل وجهين: قال:
الحسن وابن جريح: على عالمي زمانها، وهو قول أبي ج عفر عليه السلام...، الثاني: ما قاله الزجاج واختاره الجبائي إن معناه اختارك على نساء العالمين بحال جليلة من ولادة المسيح عيسى عليه السلام) (3). وحول الوجه الثاني الذي اختاره الجبائي قال ابن كثير: (يذكر تعالى أن الملائكة بشرت مريم باصطفاء الله لها من بين سائر نساء عالمي زمانها، واختارها لايجاد ولد منها من غير أب وبشرت بأن يكون نبيا شريفا...) (4).
وقال الفيض الكاشاني: (كلموها شفاها لأنها كانت محدثة تحدثهم ويحدثونها قبل الاصطفاء الأول، تقبلها من أمها ولم تقبل قبلها أنثى، وتفريغها للعبادة وإغناؤها برزق عن الكسب وتطهيرها عما يستقذر من النساء، والثاني هدايتها وإرسال الملائكة إليها وتخصيصها بالكرامات السنية كالولد من غير أب وتبرئتها عما قذفته اليهود بإنطاق الطفل وجعلها وابنها آية للعالمين) (5).
وقال الشيخ محمد جواد البلاغي: (قد ذكرنا معنى الاصطفاء وأن جهة الاصطفاء تعرف وتؤخذ من قرائن المقام، فالمعنى إذن اصطفاك بأن تقبلك وقبلك من نذر أمك في تحريرك لله... (واصطفاك على نساء العالمين) وقدمك عليهن بالولادة من غير فحل، هذا غاية ما يدل عليه المقام والقرائن من وجهتي الاصطفاءين، وقد كرر ذكر الاصطفاء لأجل اختلاف الوجهة فيه. وليس في اللفظ وقرائن المقام دلالة على سيادتها على نساء العالمين. نعم ثبت لها السيادة على نساء عالمها من السنة، واستفاض بل تواتر من حديث الفريقين عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أن فاطمة بنته عليها السلام سيدة نساء العالمين، وسيدة نساء أهل الجنة) (6)