وممن روى هذا الخبر غير من حكاه المصنف عنهم ابن أبي شيبة كما نقله عنه في الكنز (1) قال: أخرج عن أسلم إنه حين بويع أبو بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كان علي والزبير يدخلون على فاطمة ويشاورونها ويرجعون في أمرهم، فلما بلغ ذلك عمر خرج حتى دخل على فاطمة فقال: ما من الخلق أحد أحب إلي من أبيك، وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم الباب، فلما خرج عمر جاءوها قالت: تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم الباب، وأيم الله ليمضين لما حلف عليه، فانصرفوا راشدين، الحديث. ومنهم ابن قتيبة في كتاب الإمامة والسياسة، قال في أوائل كتابه في كيفية بيعة علي: إن أبا بكر تفقد قوما تخلفوا عن بيعة عند علي، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار علي فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجوا أو لأحرقها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص إن فيها فاطمة، قال: وإن، الحديث.
ومنهم النظام كما حكاه عنه الشهرستاني في الملل والنحل في الفرقة النظامية، قال النظام: إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت المحسن من بطنها، وكان يصيح أحرقوها بمن فيها وما كان في الدار إلا علي وفاطمة والحسن والحسين. ومنهم أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة كما نقله عنه ابن أبي الحديد (2) قال:
جاء عمر إلى بيت فاطمة في رجال من الأنصار، ونفر قليل من المهاجرين فقال:
والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم. وأما ما زعمه من أن الطبري مشهور بالتشيع مهجور الكتب والرواية، فمناقض لما سيذكره قريبا في إخراج عثمان أبا ذر إلى الربذة من أنه وابن الجوزي من أرباب صحة الخبر، وكيف يعد الطبري من الشيعة وهو من أعلام علماء السنة، حتى عده النووي في تهذيب الأسماء بطبقة الترمذي والنسائي وأثنى عليه، كما نقله السيد السعيد عنه.
وقال ابن خلكان في ترجمته من (وفيات الأعيان): كان إماما في فنون كثيرة، وكان من المجتهدين، لم يقلد أحدا، وكان ثقة في نقله، وتاريخه أصح التواريخ وأثبتها، انتهى ملخصا. وقال الذهبي في ترجمته من (ميزان الاعتدال): ثقة صادق من كبار أئمة الاسلام المعتمدين، لكن قال الذهبي: فيه تشيع وموالاة لا تضر، ولعل سببه جمعه لطرق حديث الغدير في كتاب سماه الولاية، وإلا فلا أعرف للرجل علقة بالتشيع، واسمه محمد بن جرير بن يزيد، وهو صاحب التاريخ والتفسير المشهورين وتاريخه مطبوع بمصر وذكر فيه الحديث الذي نقله المصنف عنه (3). قال: حدثنا