ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد بن كليب قال: أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين، فقال: والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة، فخرج عليه الزبير مصلتا بالسيف فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه. كما إن ما نقله المصنف رحمه الله عن ابن عبد ربه موجود في كتابه (1). وأما ما ذكره من الوجوه فغير تامة، أما السنة الأولى، فلأنها مبينة على وقوع الاحراق. وقد ذكرنا أن المروي هو قصد الاحراق، ولعل عمر إذا بلغ الامر إلى الاحراق لم يفعل لجواز أن يك ون قاصدا للتهديد فقط، على أن إحراق بيت فاطمة عليها السلام لا يستلزم إحراق غيره لوجود الاجر والطين، فيمكن الاطفاء قبل السراية. ومن عرف سيرة عمر وغلظته مع رسول الله صلى الله عليه وآله قولا وفعلا، لا يستبعد منه وقوع الاحراق فضلا عن مقدماته) (2).
أقول: قوله الأخير من عدم استبعاد وقوع الاحراق هو الأولى والأصح، لأنه قد سبق أن ذكرنا في فصل إحراق بيت الزهراء أن العلامة الحلي نفسه قد أقر بوقوع الاحراق في كتابه (كشف المراد). ولا تهافت بين القولين للوجه الذي ذكرناه مرارا من أن الاقتصار على بعض الحقائق لا يتعارض مع إضافة حقائق أخرى، إنما التعارض يقع بين إثبات حقيقة ونفيها.
جواب الاعتراض الخامس:
وقد أجاب الشيخ المظفر عن اعتراض ابن رزبهان الخامس بما يلي:
(وأما ما ذكره في الخامس: من أن أمراء الأنصار وأكابر الصحابة كانوا مسلمين منقادين محبين إلى آخره، فهو لم سلم غير وارد، إذ لم يعلم حضور أكثرهم. ومن حضر كان على رأي الشيخين أو مضطرب الحال، على أن الاحراق لو وقع ليس بأعظم من غصب الخلافة، ومخالفة نص الغدير وغيره. ولو سلم فقد تدرج الامر من غصب الخلافة إلى غصب ميراث بضعة الرسول ونحلتها إلى إحراق البيت فهان، وبالجملة إذا رأى الناس مقاومة أولي الامر لأهل البيت عليهم السلام وشدتهم عليهم وعلى أوليائهم لم يستبعد سكوت الرعية، ولا سيما أن جل الامراء والأكابر أعوان لهم في الاعتداء على أمير المؤمنين عليه السلام ومن يتعلق به والتجاهر في عداوتهم) (3).
جواب الاعتراض السابع:
وهذا الاعتراض وإن كان خارج محل بحثنا في هذا الكتاب ولكننا سنذكر إجابة المظفر على ابن رزبهان لما فيه من بعض الفوائد اللطيفة. قال (قدس سره): (وأما في السابع: فلان ما زعمه من المنافاة لرواية الصحاح كذب، إذ ليس فيها ما ينافي قصد