أما أولا: فإنه مناقض لما صرح واعترف به (فضل الله) نفسه في مناسبات عديدة، فقد قال في الشريط المسجل: (الزهراء كل ما تحدثت عنه فهو عن غصب الخلافة)، وقال في الشريط المسجل أيضا: (وهكذا نرى أن الزهراء عليها السلام صاحبة رب البيت المشغولة بأولادها والمشغولة بيتها وبزوجها وبأبيها انتفضت عندما رأت أن هناك حقا يضاع وأن هناك مشكلة برزت، مشكلة خاصة وهي عامة في مدلولها وفي حقها فدك، ومشكلة عامة وهي حق أمير المؤمنين عليه السلام في الخلافة، إنها لم تقل ما لي والدخول في هذا المعترك، شعرت أن موقعها كابنة رسول الله يفرض عليها أن تقيم الحجة على المسلمين جميعا)، وقال أيضا في الشرط المسجل: (فلماذا الامام علي احتاج إليها، ففي البحار موجود إن الامام علي كان يدور بها على بيوت المهاجرين والأنصار حتى تدافع عن حقه)، وقال في الجواب السادس: (وكانت الزهراء عليها السلام مشغولة في كل وقتها بالدفاع عن حق علي عليه السلام في الخلافة، ومن مظاهر تحركها خطبتها في المسجد وكلامها مع نساء المهاجرين والأنصار ورجالهن. وإذا صح الحديث بأن عليا عليه السلام كان يطوف بها على بيوت (أو جموع) المهاجرين والأنصار - كما جاء في بعض الروايات - فهذا يعني أنها كانت تتحرك بشكل يومي نحو تحقيق هذا الهدف الكبير)، ومن يكون تحركها كذلك فهذا يعني أنها وأمير المؤمنين عليهما السلام يشكلان أهم قطبين للمعارضة بحسب نظر المغتصبين للخلافة.
أما ثانيا: فإن نفس الروايات التي ذكرت قصة الهجوم تقوم إن أمير المؤمنين عليه السلام طاف بالزهراء عليها السلام على البيوت لاخذ البيعة له، ويظهر من بعض الاخبار أن طواف أمير المؤمنين عليه السلام بالزهراء عليها السلام على البيوت كان قبل الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام، ونحن نكتفي بما ذكره سليم بن قيس حول ما جرى من الاحداث بعد اجتماع السقيفة، فقد روى عن سلمان الفارسي أنه قال: (فلما كان الليل حمل علي عليه السلام فاطمة عليها السلام على حمار وأخذ بيدي ابنيه الحسن والحسين عليهما السلام فلم يدع أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أتاه في منزله، فناشدهم الله حقه ودعاهم إلى نصرته فما استجاب منهم رجل غيرنا الأربعة وأربعة، فإنا حلقنا رؤوسنا وبذلنا له نصرتنا، وكان الزبير أشدنا بصيرة في نصرته. فلما رأى علي عليه السلام خذلان الناس إياه وتركهم نصرته واجتماع كلمتهم مع أبي بكر وطاعتهم له وتعظيمهم إياه لزم بيته. فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع... إلخ) (1).
فهذه الرواية وغيرها تؤكد على أن الزهراء كانت في صميم النزاع والخلاف في مسألة الخلافة ولم تكن خارجة عنها، وهذا ما يفسر وحشية القوم وصبهم جام حقدهم عليها أثناء الاعتداء والهجوم على البيت.