قد تقرر وثبت، وإنما يصح لهم الاجماع متى كان أمير المؤمنين عليه السلام ومن قعد عن البيعة ممن انحاز إلى بيت فاطمة عليها السلام داخلا فيه وغير خارج عنه، وأي إجماع يصح مع خلاف أمير المؤمنين عليه السلام وحده فضلا عن أن يتابعه على ذلك غيره، وهذه زلة من صاحب الكتاب وممن حكى احتجاج) (1).
5 - تلخيص الشافي للشيخ محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 460 ه فيما نقله عن أحمد بن يحيى البلاذري المتوفى ما بين أعوام 274 - 279 ه في تاريخه فيما رواه عن المدائني، عن مسلمة بن محارب، عن سليمان التميمي، عن أبي عون: (أن أبا بكر أرسل عمر إلى علي يريده على البيعة فلم يبايع ومعه قبس، فتلقته فاطمة عليها السلام على الباب فقالت: يا ابن الخطاب، أتراك محرقا علي بابي؟ قال: نعم، وكذلك أقوى فيما جاء به أبوك، وجاء علي فبايع). ثم عقب الشيخ الطوسي (قدس سره) على الخبر قائلا: (وهذا الخبر قد روته الشيعة من طرق كثيرة، وإنما الطريق أن يرويه شيوخ محدثي العامة، لكنهم كانوا يروون ما سمعوا بالسلامة، وربما تنبهوا على ما في بعض ما يروونه عليهم فكفوا منه، وأي اختيار لمن يحرق عليه بابه حتى يبايع؟ وروى إبراهيم بن سعيد الثقفي، قال: حدثني أحمد بن عمرو البجلي، قال: حدثنا أحمد بن حبيب العامري، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال: والله ما بايع علي حتى رأى الدخان قد دخل بيته) (2).
والملاحظ أن الشيخ الطوسي (رضوان الله عليه) يريد أن يؤسس أصلا في مجال المطاعن والمثالب وهو أن الخصم يسعى دوما إلى ستر وكتمان ما بعد شنارا وعارا عليه، ولا يظهر أمرا إلا لعدم قدرته على إنكاره، فهو من إظهاره يبرز أقل مقدار يمكن كشفه ويخفي أمورا أخرى، والخبير الحاذق هو من يستطيع أن يستكشف ما يخفيه الخصم وينتقل من المظهر إلى المخفي، وهذا ما فعله الشيخ الطوسي حيث انتقل من رواية البلاذري بإحضار النار والتهديد بإحراق الباب وربه بما روي عن الامام الصادق عليه السلام من تحقق الاحراق وحصوله بالفعل، وسنذكر لاحقا بعض الشواهد التي تؤيد هذا الأصل.
6 - شرح نهج البلاغة لأبي حامد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد المدائني المعتزلي المتوفى سنة 656 ه، حيث قال: (فأما حديث التحريق وما جرى مجراه من الأمور الفظيعة، وقول من قال إنهم أخذوا عليا عليه السلام يقاد بعمامته والناس حوله، فأمر بعيد، والشيعة تنفرد به، على أن جماعة من أهل الحديث قد رووا نحوه وسنذكر ذلك) (3)