وقال العلامة المجلسي أيضا في باب (فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام) من كتاب الكافي عند تعليقه على الحديث الأول الذي أورده الكليني ما يلي: (ثم الظاهر من أكثر الاخبار اشتمال مصحفها على الاخبار فقط، فيحتمل أن يكون المراد عدم اشتماله على أحكام القرآن) (1).
ويعضد قول العلامة المجلسي بل يدل عليه ما جاء في الحديث السادس وهو حديث صحيح السند على مبنى السيد الخوئي (قدس سره) كما بينا، حيث قال فيه الامام الصادق عليه السلام: (أما إنه ليس فيه شئ من الحلال والحرام).
بل إنه حتى على فرض ضعف هذا الحديث فإنه يمكن الجزم بأن الضمير بل الضمائر في عبارة (وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة نصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش) لا تعود إلى مصحف فاطمة بل إلى الجفر الأبيض، ويدل على ذلك أن عبارة (أرش الخدش) لا يجدها المتتبع في الروايات إلا فيما كان الحديث فيه عن كتاب الجامعة - وهو المعبر عنه في بعض الروايات بكتاب علي عليه السلام - أو كان الحديث فيه عن الجفر باعتباره وعاء يحتوي على كتاب الجامعة.
ومن جملة الروايات الدالة على ذلك ما يلي:
1 - روى الشيخ الكليني عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن الحجال، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن أبي بصير قال: (دخلت على أبي عبد الله عليه السلام... ثم قال عليه السلام: يا أبا محمد، وإن عندنا الجامعة، وما يدريهم ما الجامعة؟ قال: قلت: جعلت فداك، ما الجامعة؟ قال: صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وإملائه من فلق فيه، وخط علي بيمينه، فيها كل حلال وحرام، وكل شئ يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش) (2). والحديث صحيح الاسناد على رأي العلامة المجلسي (3)، ويبدو أنه يذهب إلى صحته باعتبار أن المراد من عبد الله بن الحجال بملاحظة الطبقة هو عبد الله بن محمد بن الحجال الأسدي الثقة، وقد نسب إلى الجد لا الأب ونظير ذلك في الأسانيد كثير جدا، أما السيد الخوئي فيظهر أنه يذهب إلى ضعفه، فقد أفرد اسم عبد الله بن الحجال وذكر أنه قد روى روايتين منها هذه الرواية، ولم يشر إلى اتحاده مع عبد الله بن محمد الحجال (4).
2 - وروى الكليني أيضا بسند صحيح عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله قال:
(تلك - أي الجامعة - صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ العالج، فيها كل ما يحتاج الناس إليه، وليس من قضية إلا وهي فيها حتى أرش الخدش) (5).