ثانيا: إنه على فرض صحة كون الكتاب أقرب إلى المصحف فهذا لا يثبت اتحاد مصحف فاطمة مع كتاب فاطمة، إذ يبقى احتمال التغاير موجودا، وعلى المدعي للاتحاد البينة والدليل. وتطابق بعض الأحاديث التي جاء التعبير فيها ب (كتاب فاطمة) مع بعض مضامين الأحاديث التي جاء التعبير فيها ب (مصحف فاطمة) لا يبرر الحكم بالاتحاد في كل حديث، فإنه إنما صح القول بالاتحاد لوجود بعض روايات مصحف فاطمة الصحيحة التي تطابقت في مضمونها مع أحاديث كتاب فاطمة الضعيفة فيكون الحديث الصحيح شاهدا على صحتها، أما مع تعارض مضمون الحديثين إذ ينفي أحدهما وجود الحلال والحرام بينما يثبته الاخر فإنه لا يبقى مجال للوثوق بالاتحاد واحتمال التغاير ليس له دافع.
ثالثا: كان الأولى أن يوجه الاعتراض إلى صاحبه، فقد ذهب إلى أن ما جاء في رواية دلائل الإمامة هو من مصحف فاطمة، مع أن الوارد في الرواية كلمة الحريرة أو الجريدة حسب اختلاف النسخ، فإذا كانت الكربة غير الكتاب فلماذا لا تكون الحريرة أو الجريدة غير الكتاب أيضا؟!
رابعا: أطلق اسم الكتاب في اللغة وأريد به المكتوب وما كتاب فيه وما كتب بشكل مجموع (1)، ولم يلاحظ في الاستخدام نوع المادة التي يكتب عليها، فلا يفرق كما يشهد به العرف أيضا في صدق الكتاب بين كونه على جلد حيوان أو جريد نخل أو أوراق، ولذا نجد أن القرآن الكريم عبر عن اليهود والنصارى بأهل الكتاب مع أن المفسرين ذهبوا إلى أن التوراة كان عبارة عن ألواح، وقد ذهب إلى ذلك الطبرسي والعلامة الطباطبائي والفخر الرازي والقرطبي، ونقله الشيخ الطوسي عن الجبائي من غير تعليق (2). ويفهم من ذلك أنهم لم يروا تنافيا بين كون التوراة من ألواح وبين صدق الكتاب عليها. ويشهد لذلك أيضا عدة روايات منقولة عن أهل البيت عليهم السلام (3).
ولكن عمدة ما ينبغي الالتفات إليه هنا أن الأئمة قد استخدموا مصطلحات وأسماء معينة لبعض الكتب كالجفر والجامعة ومصحف فاطمة، فلا يصح نسبة شئ إليها لمجرد تشابه الاسم من دون وجود أدلة وقرائن على صحة ذلك.
2 - الرواية الثانية:
ما رواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ضمن عدة أسانيد وبمتون متقاربة مضمونا في باب النصوص على الرضا عليه السلام وبالإمامة في جملة الأئمة